بعيداً عن المناكفة السياسية، وبهدف إصلاح الحال، والوقوف أمام السؤال الذي يدق على أبواب الفلسطينيين، ويقول لهم: هل أنتم راضون عن السياسة الفلسطينية، وهل يعجبكم ما وصل إليه حالنا على كافة المستويات؟

 

وهل الواجب الوطني أن نقف موقف الناقد لسياسة القيادة وطريقة تعاطيها مع القضايا المصيرية، أم الواجب هو التسحيج والتطبيل لانتصارات القيادة؟ وهل حقاً انتصرت القيادة الفلسطينية في معاركها ضد الاحتلال الإسرائيلي، وسحقت قدراته، وقزمت قواته، وهدمت كيانه، وعدلت الجغرافيا السياسية لصالح الشعب الفلسطيني؟

 

وماذا عن الشعوب الأخرى؛ هل تساوى مصير الشعوب التي صفقت للحاكم، مع مصير تلك الشعوب التي انتقدت الحاكم، وقومت اعوجاجه، وحاسبته، واستبدلته إن استوجب الأمر؟

 

الشعوب التي تتأثر بقرارات القيادة عليها أن تؤثر في القيادة، وأن تجبرها على انتهاج السياسة التي تخدم الوطن والمواطن، ولاسيما إذا اقتنع الجميع أن هذا الوطن لا يخص تنظيماً، ولا يتبع عائلة، وإنما هو وطن الجميع، ومن حق الجميع أن يحاسب القيادة، ويقص على أثرها منذ انطلاقتها وحتى يومنا هذا؟ فأين أخفقت، وأين نجحت؟ متى انتصرت، ومتى هزمت؟ وهل حققت ما نصبو إليه من تحرير الأرض، أم فشلت في تحقق الأهداف التي انطلقت من أجلها؟

 

حتى اليوم، لم نسمع عن أي مسائلة للقيادة الفلسطينية، ولم نسمع عن جلسات محاسبة، أو تقييم لمسار القيادة، ولم نسمع عن تحمل القيادة لمسؤولية أي أخطاء لحقت بالقضية الفلسطينية، وبالتحديد تلك الأخطاء السياسية التي غيرت موازين الصراع لصالح العدو الإسرائيلي!

 

وفي هذا السياق، فإن جملة من الأسئلة تفرض نفسها على كل فلسطيني سواء كان ذكراً أم أنثى:

هل نجحت القيادة الفلسطينية في تحقيق الهدف الذي سعت إليه بعد تلك السنوات الطويلة من المفاوضات، وإذا كانت القيادة قد فشلت، فما جزاء الفاشلين؟

 

هل نجحت القيادة في تحرير فلسطين أو بعضها، أو في تحرير الأسرى، أو إزالة الحواجز؟

 

هل نجحت القيادة في إقامة الدولة التي كانت على رأس جدول أعمالها كمشروع وطني، أم فشلت؟ وهل أعطت القيادة للأجيال الشابة فرصتها في بناء مستقبلهم على طريقتهم؟

 

هل أوصدت القيادة الباب أمام التوسع الاستيطان الصهيوني، وهل تصدت لتهويد المقدسات؟ وهل اعترضت القيادة على اعتقال الفلسطينيين، وهدم بيوتهم، واحتقارهم على الحواجز؟

 

هل نجحت القيادة في توحيد الشعب الفلسطيني واستنهاض طاقاته لمواجهة الأطماع الإسرائيلية؟

 

هل تمكنت القيادة من خلق اقتصاد فلسطينيي قوي ومستقل عن التبعية للاقتصاد الإسرائيلي؟

 

هل أوقفت التنازلات عن فلسطين التاريخية أطماع الإسرائيليين بضم 30% من الضفة الغربية؟

 

هل اعترفت القيادة بأخطائها التاريخية؟ هل اعترفت بأنها فشلت في أي منعطف من تاريخها، وقامت بتعديل مسارها، ومعالجة الفشل من خلال لقاءات وطنية وشعبية وتنظيمية؟

 

والسؤال الأصعب: هل أنت راضٍ أيها الفلسطيني عن الحالة التي وصلت إليها القضية الفلسطينية؟ هل نحن منتصرون ونحقق أهدافنا التي من أجلها قدمنا القرابين ومعاناة السنين، أم أننا نبتعد كل يوم مسافة سنة عن الأهداف التي سعينا لتحقيقها في الخطب والبيانات؟

 

بعد كل ما سبق، لماذا تغلق عقلك أيها الفلسطيني خلف أبواب الانتماء التنظيمي، ولا تناقش بحكمة واتزان مستوى الصواب والخطأ في قرارات القيادة الفلسطينية؟

 

ولماذا يتعامل البعض مع القيادة الفلسطينية وكأنهم ملائكة منزهون عن النقد؟ بينما الحق والعدل والمنطق يفرض على كل عاقل أن يقول للقيادة أخطأتم، وضللتم وضل مشواركم، وفشل مساركم، فعودوا إلى بيوتكم، إن لدينا نساء فلسطين اللائي لم يبخلن بالعطاء، واللائي سيقدمن لقيادة فلسطين أجيالاً من النجباء.

من د. فايز أبو شمالة

كاتب ومحلل سياسي، فلسطيني