المرصد الأورومتوسطي،يتهم قوات الأمن العراقية و”ميليشات” بارتكاب انتهاكات واسعة بحق المتظاهرين بينها أعمال قتل واختطاف وتعذيب، منذ بدء الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة والطبقة السياسية الحاكمة مطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وقال المرصد الأورومتوسطي، ومقره جنيف، في تقرير أصدره اليوم الخميس إن “التظاهرات بالعراق اتسمت بالسلمية وبدت عند اندلاعها عفوية دون تدخل أو دعوة من أي جهة سياسية أو دينية، رغم القوة المفرطة واللجوء للأساليب الأمنية القمعية من قبل أجهزة الأمن والمليشيات المسلحة”.
واستند تقرير المرصد، الذي حمل اسم “حراك العراق.. جرأة على القتل وعدالة بعيدة”، إلى شهادات تم جمعها وتوثيقها من ضحايا مباشرين لهذه الاعتداءات ومن شهودٍ عيان.
ووفق التقرير، فإن “القوات الحكومية والمليشيات المسلحة، مارست جملة من الأساليب القمعية والوحشية ضد المتظاهرين مما أسفر عن مقتل المئات واغتيال عشرات الناشطين واعتقال واختطاف آلاف المحتجين وإغلاق عدد من المؤسسات والمكاتب الصحفية”.
وقال المرصد إنه “وثق شهادات حول معتقلين، بعضهم أطلق سراحه، والبعض الآخر لقي حتفه جراء تعرضه للتعذيب على يد القوات الأمنية أو المليشيات المسلحة”، منوها إلى أن “مئات المعتقلين تعرضوا للتعذيب بأساليب مختلفة، كالضرب، واستخدام العصي الكهربائية، والشبح وغيرها من الوسائل القاسية والحاطة بالكرامة”.
وقال الباحث لدى المرصد الأورومتوسطي طارق اللواء: “على الرغم من عدم اعتراف الحكومة العراقية بقانونية الحراك الشعبي في بغداد وبقية المحافظات إلا أنه ومن الناحية القانونية فإن الدستور العراقي لعام 2005 أكد على أهمية احترام حق التظاهر السلمي وحرية الرأي والتعبير”.
وأضاف “اللواء”، في البيان ذاته، أنّ “القوات الحكومية والمليشيات المسلحة انتهجت أسلوب الاختطاف والاخفاء القسري لترهيب المتظاهرين وإخافتهم، بهدف تخفيف حدة المظاهرات وصولا إلى إجهاضها”.
ودعا المرصد، السلطات العراقية، إلى “فتح تحقيق موسع في جميع عمليات القتل والخطف والتعذيب التي شهدها العراق منذ اندلاع الاحتجاجات، مع ضمان أن يكون هذا التحقيق مستقلا”.
كما دعت إلى “إطلاق سراح جميع المتظاهرين المحتجزين الذين وجهت لهم تهمة المشاركة في التظاهرات فقط، طالما لم يُثبت في حقهم ارتكاب أي جريمة جنائية”.
وشدد المرصد على ضرورة “مقاضاة جميع القادة والمسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة بحق المتظاهرين”، حاثًا السلطات العراقية إلى “احترام حق المحتجين في التظاهر السلمي، ومنع استخدام القوة والقمع ضدهم”.
وحث المرصد السلطات العراقية على “الاستجابة لمطالب المتظاهرين في الإصلاحات القانونية والاقتصادية والاجتماعية”.
ويشهد العراق احتجاجات شعبية غير مسبوقة منذ مطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتخللتها أعمال عنف خلفت 496 قتيلا وأكثر من 17 ألف جريح، وفق إحصاء للأناضول استنادًا إلى أرقام مفوضية حقوق الإنسان (رسمية) ومصادر طبية وأمنية.
والغالبية العظمى من الضحايا هم من المحتجين، وسقطوا، وفق المتظاهرين وتقارير حقوقية دولية، في مواجهات مع قوات الأمن ومسلحين من فصائل “الحشد الشعبي” لهم صلات مع إيران، المرتبطة بعلاقات وثيقة مع الأحزاب الشيعية الحاكمة في بغداد. لكن “الحشد الشعبي” ينفي أي دور له في قتل المحتجين.
وأجبر المحتجون حكومة عادل عبد المهدي على الاستقالة، مطلع ديسمبر/ كانون الأول الجاري، ويصرون على رحيل ومحاسبة كل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003.