عودة العلاقات مع الأسد

أعدت الإذاعة الألمانية -دويتشه فيله- تقريرا عن عودة العلاقات بين أغلب الدول العربية ونظام بشار الأسد، ومن ثم عودة سوريا إلى الجامعة العربية، موضحة أن هذا لا يعني بالتأكيد انتهاء الحرب في سوريا.

 

رغم اتهامات بارتكاب جرائم حرب وتعذيب ضد الرئيس السوري، قامت دول عربية عديدة بتطبيع العلاقات مع بشار الأسد عام 2023 في مواجهة تحفظات الغرب. هل يعني ذلك انتهاء الحرب في سوريا؟

 

وحذرت وزيرة الخارجية الألمانية أنيلينا بيروك من عودة العلاقات “الدافئة” بين الدول العربية ونظام الأسد، وأن هذا لا يمكن أن يغطي على جرائم الحرب التي ارتكبها الأسد، ولا يجب أن تقوم العلاقات على تقديم تنازلات. 

 

وتصطف الآن الدول العربية وروسيا في صف الأسد، وهذا لا يعني انتهاء الحرب، على الرغم من أن الحرب التي استمرت نحو عقد من الزمان، وصلت إلى نقطة مجمدة، يسيطر فيها النظام على أغلب المناطق، فيما تسيطر المعارضة على أجزاء محدودة في شمالي سوريا، وهكذا القوات الكردية.

 

وفي ظل الانقسامات الحالية، يتدهور الوضع الإنساني؛ فوفق الأمم المتحدة أكثر من 90% من السوريين يعيشون في مستوى معيشة تحت خط الفقر. 

 

وفي الشمال الغربي من البلاد، يوجد أكثر من 10 آلاف منزل مدمر بسبب الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في فبراير من العام الحالي. 

 

وقال أحد المواطنين، حسين الصالح، الذين فقدوا منزلهم في الزلزال، واضطر أن يلجأ مع أطفاله الثلاثة وزوجته إلى مخيم نازحين، إنه لا يملك منزلا ولا عملا، ولا يتوفر له دخل مالي لإطعام أبنائه. 

 

وتجادل الدول العربية التي مدت جسور العلاقات مع النظام السوري، بأن عودة العلاقات هي السبيل الوحيد لمساعدة السوريين. 

 

ويرد على ذلك المعارضة الخارجية، فتقول هدى محي الدين، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، بأن التطبيع مع “المجرم” يعتبر إجرامًا. 

 

وأشارت إلى إصابة المعارضة الخارجية بخيبة أمل، ومع ذلك فالمعارضة ما زالت تحاول تقديم الأدلة على الانتهاكات، في الوقت الذي تحاول دول عديدة التغطية على هذه الجرائم.

 

ويرجع قرار عودة الأسد إلى الجامعة العربية، لعدة أسباب، أولها عدد اللاجئين السوريين في دول الجوار، مثل: لبنان 815 ألف، وفي الأردن 670 ألف، وفي العراق 317 ألف، وفي تركيا 3.6 مليون لاجئ سوري. 

 

وتأمل الدول العربية بأن عودة العلاقات تكون طريقة لإعادة اللاجئين السوريين إلى سوريا، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية لأغلب هذه الدول، وعلى رأسها لبنان. 

 

ويتبقى السؤال عن رغبة السوريين في العودة إلى بلادهم، في ظل استمرار النظام المتسبب في تهجيرهم. 

 

الأمر الآخر يتعلق بنفوذ إيران في المنطقة، بعد الاتفاقية السعودية – الإيرانية، التي دعمت الدول والفصائل التي تمولها إيران. 

 

ولم ينجو نظام الأسد بنفسه إلا عندما تدخلت إيران مباشرة، أو عبر حزب الله في الحرب، لوقف تمدد الجيش السوري الحر، ومن بعده عناصر الدولة الإسلامية “داعش”.

 

ولم يكن تدخل إيران إلا وسيلة لكسب نفوذ في العالم العربي، في ظل احتدام المنافسة الإقليمية بينها وبين السعودية، والتي مع انتهائها بالهدنة، لم يكن هناك مبرر لاستمرار مقاطعة الأسد. 

 

الأمر الثالث يرجع إلى الرغبة في مكافحة تهريب مخدرات الكبتاجون التي تهرب إلى دول الخليج العربي في المقام الأول، وهو عقار يسمى بالأمفاتمين يستخدم لزيادة النشاط والقدرة على مكافحة الخوف، ويستخدم في السعودية على وجه التحديد، كما شاع استخدامه في دول الحرب. 

 

وتشير تقديرات الحكومة البريطانية إلى أن 80% من إمدادات العالم من الكبتاجون تأتي من سوريا، عبر ميناء اللاذقية البحري. 

 

وسبق أن تم معاقبة رجال أعمال على صلة بالنظام السوري، لوجود أدلة لدى السلطات البريطانية على تورطهم في تهريب الكبتاجون. 

 

والسبب الأخير يرجع إلى أن كثير من الدول العربية مثل مصر والإمارات، كانوا على علاقة غير مباشرة بالرئيس السوري، وظلت مقاطعتهما له صورية.

 

في الأخير تشير عودة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الجامعة العربية إلى رغبة في التغطية على جرائم الحرب، ولكن تظل التحفظات الغربية قائمة، بجانب أن الأراضي السورية كلها لا تخضع لسلطة الأسد، ما يعني احتمالية تجدد الحرب في أي وقت.