أن يتم الإعلان عن عودة السفارة الإماراتية للعمل في دمشق، وقبله زيارة البشير السوداني، وقبلها تصريحات ترامب عن تمويل السعودية لإعادة إعمار سورية..كلها تدفع لمحاولة التفسير:

أولا: يتزامن التقارب السوري الإماراتي مع التقارب الإماراتي الإسرائيلي (زيارة وزيرة الثقافة والرياضة ميري ريغيف لمسجد الشيخ زايد بشكل علني ومصور)، ويبدو أن الدبلوماسية الإماراتية تريد أن تضع الموقف السوري في وضع حرج، فالمساهمة في العودة السورية للجامعة العربية –تدريجيا- قد يتساوق مع التمادي الإماراتي في التطبيع مع إسرائيل ، وهو ما يضع الإعلام السوري وقوى المقاومة المرتبطة به في وضع حرج، أو يجعل رد الفعل لهذا المعسكر على التطبيع مع إسرائيل في حده الأدنى، بخاصة أن الأمر أصبح ترويض العقل العربي عليه أمرا مألوفا.

ثانيا: أزعم أن الإمارات -وقبلها البشير- يسعيان ومعهم السعودية (بذهب المعز بعد أن انكسر سيفه) إلى استغلال الوضع الاقتصادي السوري الحرج، بل إن السعودية أشارت لهذا الموضوع في شهر 8 الماضي.، فاغلب التقديرات تشير إلى أن سوريا بحاجة لأكثر من 240 مليار دولار، لإعادة الإعمار، وفي مقابل ذلك، سيتم ربط المساعدات بدفع العلاقات السورية الإيرانية إلى مرحلة ” التثاؤب”، لا سيما أن القدرة الإيرانية على المنافسة في مجال الاعمار لا تتوازى مع القدرات الخليجية ، ذلك يعني أن المراهنة على مساندة الحصار الأمريكي لإيران بتوغل خليجي في معدة الاقتصاد السوري قد يكون أيضا دافعا لتوسيع الخرق بين الحليفين في فترة حُمى الصراع

ثالثا: إن الموقف التركي المساند لجماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها دول الخليج -بما فيها حماس- بأنها حركات إرهابية، يستدعي أن تعمل الإمارات على التضييق على مساحة الحركة للمعارضة السورية لا سيما أن موضوع تشكيل اللجنة الدستورية في سوريا في طور النقاش والتكوين، وهو ما يستوجب بالمنظور الإماراتي دعم جناح الحكومة السورية للتضييق على الخيارات المتاحة إمام الإخوان المسلمين، وفي ذلك تنفيس لبعض “لمكايدة لقطر” وحرمان الإخوان من المشاركة في المرحلة القادمة في الداخل السوري.

رابعا: يبدو أن دبلوماسية الإنابة (Proxy Diplomacy) التي خرجت منها قطر صفر اليدين،تراود بعض الدوائر الدبلوماسية الإماراتية، بخاصة ضمان الحماية من أي ضغط إيراني أو من أي خلافات قد تدب بين الحلفاء في اليمن، فالسمة العامة للتحالفات العربية هي “العمر القصير والتحول لعداء شديد” ويكفي النظر في العلاقات السعودية القطرية قبل الآن وخلال الربيع العربي ومطالبات الجبير للرئيس الأسد بالتنحي.. وها هو يغادر منصبه لمنصب استرضائي.

ذلك يعني أن الأمر مرتبط بالتطبيع مع إسرائيل وبتضييق الخناق على إيران وبمزيد من اجتثاث الإخوان المسلمين في سوريا، وباحتلال مواقع قطر في دبلوماسية الإنابة.

هل ستستجيب سوريا؟ أظن أن شعرة معاوية ستلوح بين الشد والإرخاء،

قطعا.. ربما.

من د. وليد عبد الحي

أستاذ علوم سياسية، الأردن