اهداف عديدة راهنت المملكة العربية السعودية علي تحقيقها من وراء انعقاد القمة العربية الصينية التي استضافتها الرياض خلال الساعات الماضية حيث تبنت المملكة وجهة نظر مفادها أن التطورات الدولية التي يمر بها العام منذ الاجتياح الروسي لأوكرانيا ووجود مؤشرات علي قرب وجود نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب ينهي او يضعف علي الاقل من الهيمنة الامريكية يغرض تنويع الخيارات وعدم وضع البيص كله في سلة واحدة
فالأزمات والمشكلات الامنية خصوصا علي الصعيد اليمني وحالة البرود التي تحكم العلاقات مع أمريكا منذ وصول بايدن للحكم وجود نوع من التقلب تجاه المنطقة جعل الرياض تفتح نوافذ الحوار مع الصين وهي حوار هيمن عليه الطابع الاقتصادي حني الان الا انه لا يخلو من عناوين سياسية وأمنية حيث لم تعد المملكة تثق في جدوي الرهان علي سياسة امريكية غير واضحة المعالم.
القمة العربية الصينية بين التكتيكي والاستراتيجي
ورغم طغيان المصالح الاقتصادية وتوقيع المملكة اتفاقيات ضخمة مع الرئيس الصيني تشي جين بينج خلال الزيارة علي راسها عقود نفطية طويلة الامد تجاوزت بحسب مصادر مطلعة ٣٢٠مليار ودولار وحديث أخري عن ان المفاوضات تطرقت لإمكانية تقويم النفط باليوان وهي رغبة تتقاطع مع رغبة بكين في تدويل عملتها والتحول لرقم صعبة في السوق الدولية الا ان الملفات الاستراتيجية والامنية كانت واضحة خلال المفاوضات.
فقد اراد ولي العهد السعودي ومن خلال الاستقبال اللافت لضيفه الصيني توصيل رسالة لواشنطن بان الرياض راغبة في الرهان علي خلفاء اخرين قادرين علي ملف الفراغ والتردد الذي خيم علي تعامل واشنطن مع حلفائه الخليجيين طوال السنوات الماضية خصوصا خلال عهدي الرئيسين الديمقراطيين بارك اوباما وخلفه جو بايدن والذي بدا واضحا مع تقارب واشنطن مع طهران من جانب وتلكؤها في الرد علي عدوان الحوثيين علي العمق السعودي ودرة التاج السعودي “أرامكو “.
ورغم ادراك الرياض صعوبة ان تحل بكين محل واشنطن كحليف امني واستراتيجي في هذه المرحلة علي الاقل وصعوبة ان تمضي قدما في تطوير علاقاتها مع بكين لمدي واسع باعتبار ان واشنطن لن تدعم هذا الطرح بل قد تقدم علي خيارات تضر بالرياض علي الصعيد الامني فضلا عن ان فك الارتباط بين الدولار والنفط سيضر واشنطن وقد يقودها لاتخاذ اجراءات تقود العلاقة بين الحلفيين الاستراتيجيين لنفق مظلم باعتبار ان الخطوة ستشكل خطوة في طريق انهاء هيمنة الدولار وهو ما يضر بواشنطن والرياض علي حد سواء انطلاقا من ان جميع عائدات واستثمارات الرياض مقومة بالدولار بشكل يؤكد ان الرهان علي اليوان مقارنة بالدولار امر شديد الصعوبة ان لم يكن مستحيلا
ادراك الرياض لصعوبة الرهان علي الصين كحليف امني او استراتيجي في ظل تأكيدات الرئيس بايدن ان الولايات المتحدة لن تتخلي عن وجودها في الخليج العربي وترك فراغ تستغله روسيا والصين وكذلك صعوبة الرهان علي اليوان يخلف تأكيدا علي أن الرياض لم تهدف من استضافة الرئيس الصيني الا لتوصيل رسالة قوية لواشنطن بضرورة التراجع عن نهجها الحالي بل والتأكيد من جانبها علي استمرار التحالف الاستراتيجي بين الرياض وواشنطن ومعها المظلة الامنية الأمريكية.
ضخ الدماء في عروق التحالف السعودي الأمريكي
وكذلك تسعي الرياض لعدم تبني واشنطن أية سياسات تصر بأمن واستقرار الرياض والانظمة الخليجية الموالية لها خصوصا فيما يتعلق بطموحات ايران النووية وكذلك نشاط الحوثيين في اليمن وهي رسالة يبدو ان واشنطن تلقفتها من خلال رد امريكي معتدل جاء علي لسان مسئول الاتصالات الاستراتيجية لمجلس الامن القومي جون كربي بأن واشنطن لا تحدد لحلفاء مسارا إجباريا للعلاقات مع الأخرين
من جانبه علق لمحلل السياسي العراقي ناصر الدريد علي القمة العربية الصينية قال إن هاتين القمتين تعكسان حالة التضارب في نظرة العرب والخليجيين للعلاقة مع الولايات المتحدة، والتي يجب أن ينظر لها من منظور الحليف الاستراتيجي الذي يمكن العتب عليه وليس استبداله، وهما تحملان شيئاً من “المكايدة” أو الاستفزاز لواشنطن.
ومضي في تصريحات له للقول : إن العلاقات الصينية العربية والخليجية أيضاً قصيرة المدى، وربما تكون مكايدة سياسية في جزء منها؛ لأن بكين ليست مؤهلة لأن تحل محل الولايات المتحدة عربياً وخليجياً مضيفا : “الصين تمتلك علاقات وطيدة مع إيران، وربما تستبدل النفط العربي بالروسي مستقبلاً لتعزيز تحالفها الاستراتيجي مع موسكو، فضلاً عن أنها آخر دولة في العالم يمكنها تقديم خدمات للعرب في الوقت الراهن على الأقل.
ويرى الدريد أن العرب يفهمون هذه الوضعية، لكنهم يعتبون على واشنطن لعدم تقديم الدعم الكافي لمواجهة إيران؛ وعدم جديتها في التصدي لنهج طهران في المنطقة، في حين أن الصين حليفة إيران ولا تأخذ منها أي موقف”.
وخلص المحلل العراقي في نهاية تصريحه للقول إلى أن العلاقة الصينية العربية والخليجية لا يمكن أن تصل إلى التحالف الاستراتيجي، ويمكن اختصارها بأنها “علاقة نفطية” مؤقتة ستتراجع مستقبلاً على الأرجح لصالح روسيا، ما يعني أن المنطقة العربية ستعود مجدداً للتعاون مع دول الغرب