يعجبني كثيرا صديقي الذي يصرّ دائما في حديثه معي أن يقول:
– شطيرة وليس: ساندوتش
– مرآب وليس: جراج
– مكابح وليس: فرامل
– حافلة وليس: باص
– مِقْوَد وليس: دريكسون
– منشور وليس: بوست
– مغرد وليس: تويتر
– تغريدة وليس: تويتة
– وَسْم وليس: هاش تاج
– واجوه وليس: فيس بوك
– سيّارة وليس: عربية
– نعل وليس: شبشب
– حاسوب وليس: كمبيوتر… وربما يقول عنه: كاتوب
إلخ….
حيّاه الله من صديق؛ محبٍ للغته، معتزٍ بها، مع كونه يتقن اللغة الإنجليزية كأهلها…
ورحم الله شاعر النيل حافظ إبراهيم عندما قال عن اللغة العربية؛ وهي تتحدث عن نفسها، وتشكو أهلها:
وَسِعتُ كتاب الله لفظــا وغايــة
وما ضقت عن آيٍ به وعظاتِ
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلةٍ
وتنسيقِ أسماء لمخترعاتِ؟
من أحَبَّ الله تعالى أحَبَّ رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم
ومن أحبَّ الرسول العربي أحبَّ العرب
ومن أحبَّ العرب أحبَّ العربية التي بها نزل أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب
ومن أحبَّ العربية عُنيَ بها، وثابر عليها، وصرف همَّته إليها
ومن هداه الله للإسلام وشرح صدره للإيمان وآتاه حسن سريرة فيه، اعتقد أن محمداً صلى الله عليه وسلم خير الرسل، والإسلام خير الملل، والعرب خير الأمم، والعربية خير اللغات…
هذا الكلام النفيس الذي تقدم؛ من كلام عبد الملك بن محمد الثعالبي في خطبة كتابه (فقه اللغة وسر العربية) وهو كلام جيد حقيق بالتبصر والنظر…
ففي خضم هذه الموجة العجيبة من التنكر للغتنا العربية العظيمة والنكوص عنها، وفي ظل هذه المَكْلَمة التي تُعْقَد من حين لآخر، وتبث على شاشات التلفزة؛ فتسمع أذناك عبارات وتراكيب وجمل تفسد الذوق اللغوي… ولو سمعها إمام من أئمة اللغة لخر مغشيا عليه…
أمام هذا وغيره؛ وجدتني مندفعا إلى مكتبتي أنتزع منها كتابا عظيما يقوم اللسان ويعلم البيان، بأسلوب أدبي رائع ولسان عربي قاطع…
لكي أعالج من ذوقي اللغوي ما فسد، وأصلح من حسي البلاغي ما عطب، وأزيح ما اسطعت من هذا الركام المجلجل، وهذا الموج الهادر، الذي يكاد يقتل ذائقتنا اللغوية، وحاستنا البيانية ومشاعرنا البلاغية…
ذلكم هو كتاب (جواهر الألفاظ) للإمام اللغوي البارع والأديب العالم بجواهر الألفاظ؛ قدامة بن جعفر البغدادي (توفي سنة 337 هجرية)…
وهو كتاب نافع لكل قارئ، مفيد للكتاب والأدباء، يحتاج إليه المبتدئ والمنتهي، لا يستغني عنه حملة القلم وأصحاب البيان…
وهو كتاب- كما يقول عنه العلامة اللغوي محمد محيي الدين عبد الحميد- ضم شتات اللغة العربية، وجمع متفرقها، وألف بين شواردها، ولاءم بين ذلك كله ملاءمة لم تتيسر لمن سبقه، وقد أعجزت من جاء بعده…
والكتاب فريد في بابه، قصد به مؤلفه تعليم الأسلوب والمساعدة على ممارسة الكتابة عن طريق تقديم المادة اللغوية السليمة والصحيحة مع جمال وجلال ورونق بديع…
أنصح أحبابي الكرام باقتنائه وقراءته المرة بعد المرة وكثرة مراجعة عباراته وتراكيبه…
وأخيرا.. أقول:
إن اللغة العربية وعاء الإسلام، ولغة القرآن، ولسان أهل الجنان…
وهي تاج اللغات، ومنبع اللهجات، وماحية العوج واللكنات..
وهي لسان كل فصيح، وناسخة لكل قبيح، وجالبة لكل مديح…
وبها علا الفصحاء، وارتفع البلغاء، وسما الأدباء…
فدونكم لغتكم فأحيوها، وفي مجالسكم أكرموها، وفوق رؤوسكم فارفعوها…
فلا والله ما لأمة من الأمم من نهضة ولا رقي ولا تقدم إلا بلسانها..
فكيف بخير الأمم ولسانهم أفضل لسان؟
- ربيع عبد الرؤوف الزواوي يكتب: عقيدة التوحيد في خطر - يونيو 10, 2023
- ربيع عبد الرؤوف الزواوي يكتب: اسْتَوْدِعها واطلع يا بني.. - مايو 15, 2023
- ربيع عبد الرؤوف الزواوي يكتب: تفاسير القرآن في 15 قرنًا من الزمان - مايو 8, 2023