الأمة| قدمت جينين هينيس-بلاسخارت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) إحاطة قوية في مجلس الأمن الدولي اليوم الثلاثاء دافعت فيه عن حق المتظاهرين في احتجاجتهم السلمية لأسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية، مشيرة إلى العدد الهائل والغير مبرر من الضحايا الذين سقطوا منذ انطلاق الاحتجاجت في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مؤكدة على أن “الغالبية العظمى من المتظاهرين سلميون” وأن السلطات لجأت إلى القوة المفرطة في التعامل مع المحتجين منذ الليلة الأولى، ولفتت إلى وجود أزمة ثقة بين الشارع والحكومة، محذرة من التدخلات الخارجية لاختطاف التظاهرات.
بلاسخارت أكدت في الإحاطة التي قدمتها من بغداد عبر دائرة تلفزيونية مغلقة أن الشباب هم من تولوا قيادة المظاهرات في البداية، تعبيرًا “عن مشاعر الإحباط من ضعف الآفاق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أمامها”، وعن آمالها الكبيرة في تحقيق غدٍ أفضل، “بعيداً عن الفساد والمصالح الحزبية وبعيداً عن التدخلات الأجنبية”.
وكشفت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق عن العدد الضخم للضحايا، وقالت إنه “منذ مطلع -أكتوبر- تشرين الأول الماضي سقط ما يزيد عن 400 قتيل وأكثر من 19000 جريح”.
https://www.facebook.com/UnitedNationsIraq/videos/430916927859448/?__xts__%5B0%5D=68.ARDZnNDrER1SJP3MOlxlv5K0nlL3g3Nvpu7OAgiOP5yJnEWuTv2SyUm0M-8FAuwIsveMiFNexHVUgRS-Bkji2wexm5ttYdDo9FFhdGYcQYKt-CUlJZsC62Spq3eQg8NgGCFD8gMXseAt8LPugYwxq7zIEXNer3XVjngvV4NLt3Wx1HbW1qxmLLvz_fjx5RdEJGrfYlSo9KipQQ8BpEgoW8rIrXZVVuu9K5RaQs4zCl6FyJ6KZ1CUnjK4FcpKnJq7sx68WH34mMU0GnPlTCyEjjS3A6GJBxg-M67Ot4piDd68mjV73K7y2sZjSBKJdLCD-yotj3gpUQ2av0El-itVuT7Fo_Txa5oH9ZIQug&__tn__=-R
عنف مفرط
أشارت المسئولة الأممية إلى العنف المفرط ضد المتظاهرين، وأكدت أنه في العراق “خرجت الأحداث عن السيطرة منذ الليلة الأولى للمظاهرات بلجوء السلطات على الفور إلى القوة المفرطة”.
ووصفت وعود الحكومة بالإصلاح أنه غير واقعية ومتأخرة، وقال “على الرغم من إعلان الحكومة لحُزَمِ إصلاح مختلفة تعالج قضايا مثل الإسكان والبطالة والدعم المالي والتعليم، إلا أن تلك الإصلاحات ينظر إليها غالباً على أنها غير واقعية أو “ضئيلة جداً وفي وقت متأخر جدا”.
كما أشارت إلى تقرير تقصي الحقائق في العراق والذي فجر الموجة الثانية من التظاهرات، وقالت “التحقيق الذي أجرته الحكومة في أعمال العنف التي وقعت في مطلع شهر تشرين الأول يعتبر غير مكتمل؛ فمن الذي يقوم بتحطيم القنوات الإعلامية؟ ومن الذي يطلق النار على المتظاهرين السلميين؟ ومن الذي يختطف النشطاء المدنيين؟ ومن هم هؤلاء الرجال الملثمون؟ والقناصة المجهولون؟ والجهات المسلحة غير المعروفة؟”.
إصابات مروعة ووفيات
المبعوثة الأممية شددت على أنه “لا يمكن أن يكون هناك أي مبرر لسقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى من بين المتظاهرين السلميين؛ ولكن ذلك هو ما قمنا بتوثيقه بدقة منذ الأول من تشرين الأول”.
تناولت بلاسخارت كذلك كيف قتلت وأصابت القوات الأمنية المتظاهرين على مدار شهرين من خلال الاستهداف المباشر، وقالت “الواقع المرير هو أن إطلاق النار بالذخيرة الحية لم يتوقف بعد، وأن الأسلحة غير المميتة، مثل قنابل الغاز المسيل للدموع، لا تزال تستخدم بطريقة غير سليمة مما يتسبب في إصابات مروعة أو الوفاة. كذلك، لا تزال هناك حالات اعتقال واحتجاز تتم بشكل غير قانوني مثلما تحدث أيضا حالات اختطاف وتهديد وترويع. وكمثال على ذلك، الأحداث التي جرت مؤخراً في الناصرية والنجف“.
لم تغفل المبعوثة الأممية الإشارة إلى التضيقات المفروضة على الإعلام بما يمكن تفسيره بأن هناك محاولة لعدم نقل الأحداث الفعلية، وقالت “إغلاق وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي والإنترنيت يعزز تصورات الرأي العام بأن لدى السلطات شيْئا ما تريد إخفاءه؛ لأن التصدي لخطاب الكراهية لا يعني الحدّ من حرية التعبير أو حظرها”.
اختطاف التظاهرات
تناولت كذلك وبشكل غير مباشر الدعم الإيراني لمليشيات مسلحة في العراق، لإجهاض التظاهرات، وقالت “ثمة أمر آخر، سيدتي الرئيسة، يشكل مصدر قلق كبير، وهو الانتهاكات المنسوبة الى نفوذ القوى المحركة، في مُحاولة لاختطاف التظاهرات السلمية. إن أعمال العنف ذات الدوافع السياسية أو التي تقف خلفها عصابات أو الناجمة عن ولاءات خارجية تهدد بوضع العراق على مسار خطير، وتزرع الفوضى والتخبط، بما في ذلك فقدان مزيد من الأرواح وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة”.
وقالت إن التدخل الخارجي “بدوره يقوض بشكل جسيم المطالب المشروعة للشعب العراقي، ويضع التعقيدات أمام عمل القوات الأمنية، كما يوفر ذريعة واهية للتقاعس السياسي، أو الأسوأ من ذلك: إيجاد عذر لجميع أنواع المؤامرات لتبرير الحملات العنيفة لقمع التظاهرات السلمية”.
الغالبية العظمى سلميون
قدمت جينين هينيس-بلاسخارت في مجلس الأمن شهادة لصالح المحتجين في العراق، وقالت “ولكي نكون واضحين تماما: فإن الغالبية العظمى من المتظاهرين سلميون بشكل واضح؛ ففي كل يوم يسعى الرجال والنساء إلى حياة أفضل. ودعوني أؤكد هذه النقطة: إن المسؤولية الأساسية للدولة هي حماية شعبها”.
وفي ختام كلمتها أكدت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق أن العراق يقف أمام مفترق طرق، وأكدت على أنه “لا يمكن حل الوضع عن طريق كسب الوقت من خلال اللجوء إلى حلول ترقيعية أو فرض تدابير قسرية: إن هذا النهج سوف لن يؤدي إلا إلى تأجيج الغضب الشعبي وانعدام الثقة”.
وقالت “إن التحدي يكمن في اغتنام هذه الفرصة لبناء عراق يتمتع بالسيادة والاستقرار وشمول الجميع والازدهار. لقد حان الوقت للعمل. إن الآمال الكبيرة لكثير من العراقيين تحتاج إلى تفكير جريء ومتطلع إلى الأمام”.