سد النهضة.. أرشيفية

قالت وزارة الخزانة الأمريكية إن وزراء خارجية مصر وإثيوبيا والسودان اتفقوا يوم الأربعاء على العمل من أجل التوصل لاتفاق شامل ومستدام بشأن ملء وتشغيل مشروع سد النهضة في إثيوبيا بحلول 15 يناير 2020.

وفي بيان مشترك صدر بعد أن استضاف وزير الخزانة ستيفن منوتشين محادثات في مسعى لحل الخلافات بشأن سد النهضة الكبير في إثيوبيا، قال الوزراء إنهم سيحضرون اجتماعات أخرى في واشنطن يومي 9 ديسمبر كانون الأول و13 يناير كانون الثاني لتقييم مدى التقدم الذي حققوه في مفاوضاتهم.

وقال الوزراء ومنوتشين ورئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في البيان ”أكد الوزراء من جديد التزامهم المشترك بالتوصل إلى اتفاق شامل وتعاوني ومرن ومستدام ومتبادل المنفعة بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي الكبير وتأسيس عملية واضحة للوفاء بذلك الالتزام وفقا لإعلان المبادئ لعام 2015“.

مخاوف مصرية

وتخشى مصر أن يؤدي ملء خزان السد على رافد النيل الأزرق إلى تراجع إمدادات المياه الشحيحة بالفعل من نهر النيل الذي تعتمد عليه بالكامل تقريبا.

وتقول إثيوبيا إن السد الذي سيولد الطاقة الكهرومائية، والذي سيكون الأكبر في أفريقيا، مهم لنموها الاقتصادي.

وسيعقد وزراء المياه في الدول الثلاث أربعة اجتماعات في واشنطن بمشاركة وزارة الخزانة والبنك الدولي، حسبما أفاد البيان المشترك.

وقال البيان ”إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول 15 يناير 2020، فإن وزراء الخارجية يتفقون على ضرورة تفعيل المادة 10 من إعلان المبادئ لعام 2015“، وستتطلب مثل هذه الخطوة وسيطا دوليا للمساعدة في حل النزاع.

وفي وقت سابق، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الاجتماع الذي عقده مع الوفود المصرية والإثيوبية والسودانية مضى بشكل طيب.

وفي بيانهم المشترك، أكد وزراء خارجية الدول الثلاث ”أهمية النيل لتنمية شعوب مصر وإثيوبيا والسودان وأهمية التعاون عبر الحدود ومصلحتهم المشتركة في إبرام اتفاق“.

تفاقم أزمة المياه في مصر

من جانبها، تخشى السلطات المصرية من أن تسوء أزمة المياه فيها مع بدء إثيوبيا ملء خزان السد العملاق.

وقال تقرير لوكالة “رويترز” إنه حتى إذا نجحت واشنطن فيما فشلت فيه المفاوضات الثلاثية على مدى سنوات، فستظل مصر تعاني من مشكلات مياه أوسع نطاقا تجعلها تكابد للحفاظ على إنتاج الغذاء”.

ويقول المسؤولون المصريون إن النصيب السنوي للفرد من المياه يبلغ حاليا نحو 570 مترا مكعبا، وهو ما يعني أن البلاد تعاني شحا مائيا وفقا لعلماء المياه الذين يضعون عتبة لتلك الظاهرة بألف متر مكعب للفرد سنويا.

من المتوقع أن ينخفض نصيب الفرد من المياه في مصر إلى 500 متر مكعب بحلول 2025. دون الأخذ في الاعتبار تأثير سد النهضة الذي تقول مصر إنه سيخفض منسوب المياه أكثر، غير أن إثيوبيا تقول إنها تأخذ احتياجات مصر والسودان من المياه في الحسبان.

في هذا الصدد فإن المخاطر عالية، ففي حين تراجع الحديث عن صراع فعلي بين البلدين، فإن مصر تعتبر السد تهديدا وجوديا قد يقضي على الزراعة ويهدد إمدادات الطاقة.

تستخدم مصر أكثر من 80 % من مياهها في الزراعة، لكن شح المياه دفع القاهرة بالفعل لاستيراد أكثر من نصف غذائها لتصبح أكبر مستورد للقمح في العالم.

تحث الحكومة المزارعين على استخدام وسائل ري أكثر كفاءة وفاعلية وزراعة محاصيل ذات دورة زراعية قصيرة بما يستتبع استخدام مياه أقل، وتحاول كذلك إعادة تدوير مزيد من المياه، لكن إدارة المياه وأنظمة الري لم تصل للجميع.

تغير المناخ

يعتبر تغير المناخ خطر آخر، فقد تفقد مصر مع ارتفاع درجات الحرارة 30 %من إنتاجها الغذائي في مناطقها الجنوبية بحلول 2040 وفقا لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.

خفضت الموجات الحارة بالفعل إنتاج المحاصيل، ففي الفيوم يقول السكان إن درجات الحرارة ترتفع منذ سنوات، ما أجبر المزارعين على استخدام مياه أكثر لري أرض أقل.

تأثير التغير المناخي في دول المنبع غير مؤكد، وفي هذا الصدد تقول راندا أبو الحسن من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن أي تغير في تدفق مياه النيل قد يحدث أثرا كبيرا، وأضافت “كل نقص بنسبة 2 % من المياه يؤثر على مليون شخص”.