قمة مجلس التعاون الخليجي “ارشيفية “

فتحت تصريحات لوزير الخارجية محمد بن عبدا لرحمن آل ثاني عن انتقال أزمة حصار بلاده من مرحلة الاستعصاء علي الحل إلي مرحلة وضع رؤية مستقبلية لمنطقة الخليج وتأكيده علي أن بلاده لم تدعم جماعة الإخوان أو الإسلام السياسي بل أن دعمها كان ومازال للشعب المصري حتي بعد الإطاحة بحكم الرئيس الراحل محمد مرسي -فتحت   الباب واسعا أمام تسوية قريبة تنهي الحصار الذي عانت منه بلاده لأكثر من عامين  ويقود لتطبيع مع دولتي الحصار وتابعيها.

تصريحات آل ثاني عن قرب انفراج الأزمة أكدت صحة ما رددته مصادر دبلوماسية من إبرام إطراف الأزمة صفقة تمت صياغتها خلال زيارة سرية قام بها آل ثاني للرياض وشهدت تنازلات متبادلة بين الطرفين ابتعدت كثيرا عن الشروط الثلاثة عشر والمبادئ التي تمسكت بها دول الحصار بعد أن تكرس يقين لدي دولتي الحصار بعدم جداوها وان الدوحة قد وظفته لتطوير علاقاتها مع قوي إقليمية وزادت من اعتمادها علي إمكانياتها الذاتية للتغلب عليه.

هذه التصريحات عززت الأنباء التي تحدثت عن إبرام كل من الرياض والدوحة لصفقة تنهي عامين وأكثر من القطيعة تتضمن تعديل المسار الإعلامي لفضائية الجزيرة وان يكون تعامله مع شئون ملوك وأمراء دول الخليج ودوله متوافقة مع التقاليد الخليجية المرعية وأن تلتزم قطر بعدم دعم أي جماعات متطرفة مقابل رفع الحصار وإعادة العلاقات معها وعدم تدخل مصر في الشأن الخليجي مجددا.

الصفقة تضمنت كذلك إلا تتخذ الدوحة  من المواقف ما يضر بأمن دول الخليج واستقرارها ووحدة ترابها الوطني مع ضرورة التأكيد علي حصول الدوحة علي ضمانات تمنع تكرار هذه الأزمة مستقبلا وأن يتم التراجع عن أي خطوات تضر بقطر واو تمس وضعها السياسي والجغرافي في إشارة إلي اعتزام الرياض في الماضي حفر قناة “سلوى” التي كانت كفيلة بتحويل قطر من جزيرة إلي شبه جزيرة.

هذه الصفة التي ترددها مصادر دبلوماسية لم تتضمن قضايا أساسية كانت من ضمن الشروط الثلاثة عشر التي كانت قد وضعتها دول الحصار في السابق منها فك الارتباط بين قطر وجماعة الإخوان وإغلاق القاعدة التركية في الدوحة أو الكف عن تطوير العلاقات مع إيران بشكل أكد أن هناك ملفات لم تحسم حتي الآن وأن قطر لم تنفذ عددا من المطالب وهو ما ظهر جليا في تصريحات وزير الشئون الخارجية السعودية عادل الجبير الذي أكد أن قطر تعرف ما يجب عليها تنفيذه لإنهاء الأزمة.

أجواء التفاؤل بحدوث المصالحة السعودية القطرية تواجه بسيل من الشكوك خصوصا أن  قطر ستفكر إلف مرة قبل  التضحية بورقة قوية في يديها  وهي ورقة الإخوان فضلا عن الإقدام علي هذه  الخطوة كهذه سيضر بتحالفها الاستراتيجي مع تركيا ويحرمها من التأثير في كل من اليمن وسوريا وليبيا وهي أوراق لن تتنازل عنها الدوحة بسهولة ودون مقايضات .

وقد يقول البعض إن ورقة الإخوان قد لا تشكل معضلة في المصالحة القطرية السعودية باعتبار أن الأزمة مع الجماعة إماراتية بامتياز بل أن الرياض قد تراهن علي دور قطري في تسوية مرجحة مع الحوثي.

حصار قطر يقترب من نهايته

التسوية قد تمتد كذلك  لتطبيع للعلاقات مع إيران إذ يمكن للدوحة التدخل لدي طهران لتليين موقف الحوثيين بشكل يحفظ ماء وجه الرياض الراغبة في انسحاب كريم من اليمن مع تطويق التوتر الذي يحكم العلاقة بين طهران والرياض .

ولعل تصاعد التوتر بين الرياض وطهران وغياب الرد القوي  من جانب واشنطن علي الهجمات التي استهدفت معامل “أرامكو” قد أحدث زلزالا داخل دوائر الحكم السعودي  ودفعها إلي مراجعة  عديد من السياسات التي تبنتها خلال الأعوام الماضية والبحث عن مقاربة جديدة ترمم تحالفاتها القديمة وتعيد الاعتبار للنهج المتحفظ الذي تبنته السعودية طوال  العقود الماضية باعتباره السبيل الوحيد للجم الطموحات الإيرانية  الساعية لتطويق السعودية ومحاصرتها وتحويلها لرجل المنطقة المريضة.

عديد من المراقبين ربطوا بين قرب انفراج الأزمة الخليجية وبين وجود توجه سعودي بضرورة الرهان علي التحالفات التاريخية للمملكة المتمثلة في البيت الخليجي الموحد واستعادة القوي الداعمة للمملكة التي تراجعت علاقاتها نتيجة مغامرات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في اليمن وعلي الصعيد الخليجي  .

حزمة التطورات الأخيرة في المنطقة جعلت الرياض تعيد النظر في أزمتها مع قطر في ظل يقين سعودي بعدم جدوى الرهان علي تليين مواقف قطر لاسيما أن الدوحة تمكنت من توسيع دائرة حلفائها والاعتماد أكثر علي عائداتها النفطية في تأسيس بنية اقتصادية قادرة علي التعامل مع الحصار لعقود.

ومن ثم قد تجد الرياض نفسها مجبرة علي تليين موقفها من الملفين الإخواني والتركي رغبة في تأمين دعم مفتوح من الدوحة لها في ملفات عديدة قد يكون من بينها التدخل لدي تركيا لضم السعودية إلي التحالف الإسلامي الجاري تدشينه حاليا بمسعى تركي ومشاركة باكستانية ماليزية قطرية والي أن يصل الطرفان إلي تسوية للخلافات تبقي الساحة حبلي بعدد من السيناريوهات.

تحقيق المصالحة بين قطر ودول الحصار أو بعضها المرجح حدوثه خلال قمة مجلس التعاون الخليجي قد يأتي تتويجا لجهود أمريكية أردت إسدال الستار علي الأزمة وكتابة أخر فصولها عبرجهد انخرط فيه السفير الأمريكي في الرياض جون أبي زيد بضوء اخضر من الريس ترامب وزير خارجيته مايك بومبيو.

المصالحة المتوقعة جاءت بعد قناعة أمريكية بان وحدة الصف الخليجي في ظل اشتعال المواجهة مع إيران والحاجة لتدشين تحالف إقليمي ضدها تعد مصلحة أمريكية بامتياز لاسيما أن طهران تعد المستفيد الأول من استمرار التشرذم في البيت الخليجي وأن الحاجة أصبحت ماسة للضغط علي جميع الأطراف لإنهاء الفصل الأخيرة منها.

 

قصف أرامكو زلزل دوائر الحكم السعودي

إلا أن توجه السعودية للمصالحة مع قطر لازال يواجه صعوبات علي  رأسها التحفظ الإماراتي علي التطبيع مع قطر لاسيما أن الأخيرة لازالت ترفض مطالبها بوقف دعمها لجماعة الإخوان المسلمين والكف عن دعم حكومة الوفاق في ليبيا بشكل يجعل التوصل لمصالحة مع قطر إعلانا بالهزيمة وهو ما ترفضه أبو ظبي بشدة.

غيرأن الضغوط التي قد تتعرض لها أبو ظبي من قبل الرياض قد يدفعها  لتليين مواقفها وان أصرت علي عدم التطبيع مع الدوحة التي تعتبرأن التقارب مع الرياض هو الأهم لإنهاء الحصار البري والبحري الدوحة  أضر بالدوحة اقتصاديا  وبشركائها المحليين في السعودية والبحرين.

مصر ورغم غياب تأثيرها علي صعيد الأزمة الخليجية إلا أنها لم تمانع في إنهاء الصراع مع إذ أبلغت كلا من الرياض وأبو ظبي دعمها  لتسوية خليجية وهو موقف ردت عليه قطر بالإعلان عن استثمار ٤مليارات دولار في مشاريع نفطية مصرية وهو قد يرضي القاهرة التي تعاني الأمرين لتدبير احتياجاتها النفطية بل  كثيرا ما شكا مسئولون مصريون من شح الدعم القطري للقاهرة بعد إسقاط حكم الرئيس  الراحل الدكتور محمد مرسي

وفي نهاية المطاف فمن المهم الإشارة إلي أن أزمة حصار قطر قد وصلت محطتها النهاية وان عودة الدوحة للصف الخليجي فد باتت قريبة سواء تم الإعلان عن ذلك في القمة الخليجية في الرياض أو تأخر عدة أسابيع باعتبار هذه العودة مصلحة أمريكية سعودية في إطار تدشين تحالف إقليمي ضد  طهران لاسيما أن السياسات القطرية قد فرغت الحصار من مضمونه وجعلته والعدم سواء.