حبذا لو وجدت إفادة من أهل القدس عن أيّ أثر حسّيّ باقٍ لزيارة محيي الدين ابن عربي الطائيّ الأندلسي الدمشقيّ «الشيخ الأكبر» -كما يصفه محبّوه- إلى هذه المدينة المقدسة، لأغراض تتعلق بدراسة تاريخية عن واقع القدس بعد التحرير، فغاية علمي أنه زارها ثلاث مرات:
1- مرة وهو في عمره الثامن والثلاثين، حيث ترك تونس وتوجّه إلى القاهرة مغادراً المغرب العربي نهائياً؛
ومن القاهرة توجّه إلى الخليل وزار شاهد سيدنا إبراهيم عليه السلام، ثم ترحّل صوب القدس وصلى في المسجد الأقصى؛
وللفائدة فإن ابن عربي كان في عمره الثالث والعشرين عند إنجاز الفتح الصلاحي للقدس، وكان ما زال في الأندلس لم يغادرها إلى المغرب.
زينب القلعية
2- وعندما بلغ الواحد والأربعين من عمره وتحديداً سنة 601 هـ زار القدس مجدداً انطلاقاً من مكة،
وبقي فيها بضعة أشهر ألّف فيها كتبه: كتاب الجلالة وكتاب الأزل وكتاب الهُو وكتاب الألف وكتاب الباء.
وكان يرافقه في هذه الرحلة شخصية نسائية مثيرة للجدل وهي امرأة يقال لها زينب القلعية نسبة إلى قلعة حمّاد في الأندلس،
يقول عنها ابن عربي: (كانت من أهل كتاب الله، زاهدة وقتها، وكانت ذات حسن وجمال وثروة،
تركت الدنيا عن قدرة، وجاورت مكة -شرفها الله تعالى- عاشرتُها بإشبيلية وبمكة؛
وصحبتْ رجالاً وسادة مثل ابن قسوم، والشبربلي، وميمون القرمزي، وأبي الحسين ابن الصايغ المحدث زاهد وقته، وأبي الصبر أيوب الفهري، وغيرهم،
وكانت إذا قعدت تذكر ترتفع عن الأرض في الهواء، قدر ثلاثين ذراعاً، فإذا سكتت نزلت إلى الأرض برفق!
رافقتها إلى القدس من مكة، فما رأيت أحفظ على أوقات الصلوات منها، كانت من أعقل مَنْ في زمانها).
3- وفي عمره الثاني والأربعين يزور ابن عربي بغداد والموصل وقونية في الأناضول،
وكان المغول وقتها قد بدأوا اجتياح وسط آسيا، ثم يذهب إلى الخليل في فلسطين، ويكتب عند مقام إبراهيم رسالة اليقين.
ويستمر الشيخ في تجواله إلى دمشق وحلب ومكة والعراق وملاطية وسيواس في الأناضول،
ثم يعود إلى دمشق عام 620هـ ليستقر فيها نهائياً لمدة 17 سنة
حتى وفاته سنة 638 في تربة بني زكي الذين خدموه، وأنزلوه عندهم طيلة مقامه بدمشق.
- د. أسامة الأشقر يكتب: قبل أن تكفِّننا أخطاؤنا! - يناير 11, 2023
- د. أسامة الأشقر يكتب: قبل أن تكفِّننا أخطاؤنا ! - يناير 6, 2023
- د. أسامة الأشقر يكتب: أنا والمستديرة التي صدّتني! - ديسمبر 27, 2022