وعرينُ الأسد محرابُه فيما تقوله العرب، لأن الإمام يأوي بالمأمومين إلى فِناء الله، ويحتمي بجواره تعالى.
والعرين لا يختاره الأسد مأوى ومنزلاً يَألفه ويتردد إليه إلا بعد أن يكون صالحاً لهذه المكانة التي يستحقّها ويحتاجها،
فالعرين شجر ملتفّ كثيف مجتمعٌ كثيرٌ صعب المداخل، وأكثر ما يكون شجره من العِضاه،
وهي تلك الأشجار الشوكية ذات الإبر المفردة أو المركبة، المتبارية أو المتخالفة الجهة، فلا يمكن خَرْطها ولا خَرْقها.
كما أن العرين لا يتخفّى فيه الأسد مما يخاف، بل يستتر من المتطفّلين ويخْدر بإعلان ومظاهرة،
ولذلك تجد الأسد يعلن عن عرينه بزئيره، كما تسمع لاحتكاك عضاهه صوتاً كلما تقدّمتَ إليه.
والأسد الخادر هو المستتر في عرينه الملازِم له إذا احتاج إلى ذلك استعداداً لانقضاضته التالية.
والأسد لا يأكل فريسته في عرينه إلا إذا وجدها لا تنقاد له فإنه يجرّها جَرّاً لإخضاعها وإذلالها.
وإذا كان الأسد في عرينه فإنه لا يخفض رأسه ولا يكاد يتقلّب فيه مرتاحاً، بل تراه شامخ الأنف أشَمّ العرنين مترقّباً.
وعندما سأل الفاروقُ عمرُ بن الخطاب الفارسَ الشاعرَ عمرو بن معد يكرب عن القائد المظفّر سعد بن أبي وقاص لم يجد وصفاً ألْيَق به من أنه أسدٌ في تأمورته «أي عرينه».
والعرين فِناء الدار وفِناء البلد، وعرين مكّة موضع بأعلى مكّة المكرمة دُفن فيه أقوى خلفاء بني العباس أبو جعفر المنصور عند آخر بئر حُفرت في الجاهلية يقال لها بئر ميمون الحضرميّ.
وفي غابات نابلس الجبلية ووديانها وسفوحها عرين يختصّ بليوثها من أصحاب سعد بن أبي وقاص وجنده،
لقّاهم الله الظّفر حيث ساحوا في ميدان عزّة، وأمدّهم بالأمان والستر.
- د. أسامة الأشقر يكتب: قبل أن تكفِّننا أخطاؤنا! - يناير 11, 2023
- د. أسامة الأشقر يكتب: قبل أن تكفِّننا أخطاؤنا ! - يناير 6, 2023
- د. أسامة الأشقر يكتب: أنا والمستديرة التي صدّتني! - ديسمبر 27, 2022