يعلم الله كم أنني كنت ومازلت ضد التوسع في تكفير المسلمين من كافة الفرق وتبديعهم بما اكتسبوا وما لم يكتسبوا، وهي الدعوى التي أشيعت باسم «أهل السنة» زوراً وبهتاناً، بل أعتبر ذلك شوب خارجية وغلواً يؤزه الشيطان وتزينه الطبائع المتشنجة وإن توشحت بالشرع والدليل.

لكن ذلك لا يعني قبول الجانب الآخر الذي يمثل رد الفعل وهو الآخذ في التفشي، والذي يحاول مواجهة الغلو بتسويغ البدع المغلظة في باب الاتباع، فيدعو لاتباع شيوخ وطرائق، واستنان عبادات وأدعية لم ترد عن رسول الله بحيث تصير سنة متبعة تترك لأجلها سنة رسول الله ؛ بل يحاولون تمرير أنواع التوسل والتبرك وغيرها -ومنها الجائز ومنها غير ذلك- ويدخلون تحتها أصنافاً كثيرة من القضايا التي لا تسلم من البدعة والشرك الذين دل عليهما الدليل الشرعي، ويستنكرهما أهل السلوك الصحيح!

ومازال منهج السنة «الصحيح» -دون اختطاف من أحد- هو الأسلم والأقرب لما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وظاهر الأدلة وما عليه جماهير العلماء الأقدمين، دون التشويش عليه بمحاولات تجهد لإثبات جواز التبرك والتمسح والدعاء عند القبور والتزام أوراد وأعداد وهيئات وكيفيات وتوقيتات، والتوسل بالطلب من الصالحين أحياءً وأموتاً وغيرها مما يضر أديان الناس ولا ينفعهم.

فليس أسلم ولا أصح في الإسلام من منهج يدعو القلوب إلى التأله لله تعالى وحده والتعلق به لا بما سواه، حجراً كان أو شجراً أو ولياً أو تقياً، أو ميتاً دارساً أو حياً متألهاً.

وليس أصدق وأقرب للإيمان من اتباع رسول الله دون غيره من المتبوعين مهما علا شأنهم، وتوقير جنابه الشريف، وتعزيره والعض على طريقته النقية، واقتفاء أثره المبارك، ومن رأى تمسح جموع المسلمين بنعال أحد مشايخ السلطان الفسقة؛ هاله ذلك العفن بمقدار ما وقر في قلبه من تعظيم مقام الرسول .

من د. خالد سعيد

أحد أبناء الحركة الإسلامية - مصر