هو واحد من أولئك الفتيان الذين عودتكم الحديث عنهم، وهم مذ فتية الكهف في جهادهم، وقد أعلنوا القيام قبل قولهم بالكلام..

سأكتب عنك ما علمت يا حجة الأزهريين يا أخي وضاء الجبين، أيها الصامت الرابض ربضة الكواسر لتصيد الحقائق والخواطر ..

وفي محلة الدماء كنت الفتى المعطاء،

قرية كأن الله خلق صفات القوة كلها مجتمعة فيها؛ بخيرها وشرها،

فما رأيت شجاعة قلب كمثل قلوبكم، ولا قرى ضيف كمثل بيوتكم،

ولا إغاثة لهيف أو نصرة ضعيف كمثل رجالكم، وما كان لي من خلة في صدر الزمن القديم كصحبة منكم،

هم على المدى خيرة الأحباب والخل الوفي ومستودع الذكريات ..

عرفتك صغيرا يراد لك كما غيرك تزييف وعيك ومحو شخصيتك وتحجيم كرامتك،

لكنك كنت دوما عصيا على الثني أو التركيع أو الفعل الوضيع !!

وقد أرادوا أن ينصبوا لكم الأصنام في ساح الصلاة أو بيوت الله، جعلوها شيخا، جعلوها مسخا، جعلوها شيئا،

لا يبالون وإنما أرادوها لغير الله والسلام، أرادوها كبرا على الناس وقهرا، وأرادوها ذلة وجبرا، وعلوا في الأرض وقسرا؛

فهذا يقبل رأسه وذاك يحمل نعله وهاك يلثم كفه، وجاهة يسرقون بها أموال الناس وينكحون بها بناتهم ويتصدرون بها مجالسهم!!

لكن الفتى الواعي الأبي عاف الخنا ولم يتقن في الصلاة رياء الونى،

وكان يلمح بعينيه المتربصتين تربص الثعلب في الظلام؛ فرائس اللئام والبغام، من كل ساقطة حرصوا على إخفائها أو ثابتة أرادوا تزييفها ..

هو الكريم اليتيم هو ابن التاجر الأمين وصاحب الصحب الكريم، الذين حل معهم وارتحل

وقد تجرد وتجردوا جميعا مما خرجوا في قومهم عيافا له وزهدا فيه، فليس فيهم متصدر أو حريص ولا متكبر أو سقيم،

وقد غابت ذواتهم عن شهودهم، وانمحقت في الله نفوسهم، فلا يرى أحدهم لنفسه في الناس طولا ولا عرضا ولا نهيا ولا أمرا،

وكيف وفيهم الشيخ صالح والأخ الناصح..

لكنهم آثروا أن يكون ذاك الفتى مبعوثهم للكفاح وممثلهم في النضال وسفيرهم في غيابة الجب وصحبة السجن

وقد كان هو أحب إليهم وإليه مما يدعونه إليه من دون الإله..

من د. خالد سعيد

أحد أبناء الحركة الإسلامية - مصر