نجح الإسلاميون في ٨١ في إقصاء رأس السلطة بالخيار المسلح؛ نعم كانوا عسكريين ولكنهم ينتمون لتنظيم الجهاد الإسلامي، ويومها تغنى حتى أيتام اليسار -وآخرون- ببطولتهم وقدرتهم على المواجهة وإحداث التغيير!
ثم نسوا أو تناسوا بعد ذلك -حسداً من عند أنفسهم- وصار هؤلاء وأولئك ينكرون ذلك العمل ويتهمون فاعليه بأنهم «قتلة» و«مجرمون»،
ولو كان الفاعلون من الرغام العلماني القبيح لجعلوهم جيفارا وأيقونة العصر،
بل إن نفس الرئيس الذي أقصاه أولئك الإسلاميون كان ضالعاً في عملية اغتيال سياسي قبل أن يصبح بطلاً للحرب والسلام!
ثم كان زخم الإسلاميين واندفاعهم في ثورة يناير هو سبب تحولها إلى ثورة يوم ٢٨ في جمعة المساجد،
ولولا سذاجتهم وهشاشتهم بسبب طول فترة الاستضعاف؛ لما كان لهم أن يقبلوا بالتواري عن الأنظار كما فعلوا.
ثم نجحوا في الوصول إلى السلطة، ومرة أخرى عملت فيهم نفس الآفة وأخذوا يتدسسون لإرضاء غيرهم من جديد،
ومحاولة إرضاء الجميع وإراحتهم على وسادتهم الوثيرة، ولو نصحوا لعجلوا بالسيطرة على كل شيء وفرض سطوتهم!
فمع وصول أية فئة إلى الحكم بالأغلبية في كل دول العالم؛ فإنها تمضي رؤيتها وأيديولجيتها السياسية أو الفكرية أو عقيدتها الدينية،
ولا يكون ثمة شراكة إلا في حال نجاح الائتلافات السياسية، والتكتلات الصغيرة إذا اجتمعت.
وليس معنى انتزاع السلطة منهم أن يُلغي ذلك النجاح الذي تمثل في الوصول إليها رغم وجود نفس القوى التي أسقطتهم.
اعتقال الآلاف
مواجهة الاعتقالات التي شملت عشرات الآلاف استمرت لعدة سنوات، والتظاهرات التي عميت عنها أعين كل عمي،
والتي ضحت فيها كل الفئات العمرية من الرجال والنساء من الإسلاميين، في حين وقفت كل القوى المجرمة بالداخل والخارج ضدهم وتغاضت عن حقوقهم،
وتغافل الجميع عما يحيق بهم من اعتقالات للنساء والفتيات وإهدار لكرامتهن، والعسف بالصغار والكبار والعجزة،
بل وحجز ومصادرة الأموال حتى بلغ الأمر إلى إحراق بيوتهم في دمياط والجيزة وغيرها.
ثم يأتي هؤلاء البراذين فلا ترى أعينهم العوراء إلا أخت علاء عبد الفتاح -ربما لأنها إنجليزية الجنسية-
ويظنون أن نضالها ونضال أخيها هو ما سيصنع التاريخ، وليست جنسيتها وإسناد دولتها القوية!
وعلى كل حال أبشركم بما لا ترون ولا تشعرون، لأنني من داخل هذه الفئة أتحدث ومن قلب الحدث،
فقد أنتجت هذه الفترة حالة من الوعي الصاخب، والتحور الخطير، والفعل الناجز،
وفهم محددات العلاقة مع الآخرين؛ مالا تتصورون ولا تتوقعون، والأمر ما ترون لا ما تسمعون.
- د. خالد سعيد يكتب: أدمها حِمَامَ الموتِ ترمي به العدا - يونيو 16, 2023
- د. خالد سعيد يكتب: حين كادت دولة الرفاه أن تقف ضد صانعيها - يونيو 14, 2023
- د. خالد سعيد يكتب: «رصيد الستر» من مخترعات الإنترنت - يونيو 3, 2023