الصلاة على النبي ﷺ مشروعة سراً وجهراً، فرادى وجماعات، وتأكد الأمر الشرعي بها يوم الجمعة، والله يشهد إنا لنصلي عليه، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون!
(إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)
[المنافقون : ١]
بل إنا لنفديه بآبائنا وأمهاتنا وأبنائنا والناس جميعاً، لسنا في ذلك بدعاً من المسلمين، ولا نظن بأنفسنا شيئاً خيراً منهم.
وليس البأس في الصلاة عليه -والصلاة عليه دين- بل هي معقد الإيمان وباب الإسلام بعد شهادة ألا إله إلا الله وأنه ﷺ رسول الله، وإنما البأس فيمن أمر ولِمَ أمر بها في هذا الوقت.
إن الدعوة لهذه الصلاة على رسول الله ﷺ جاءت مصداقاً لهذه الآية، فلم يذكر جمعة فضيلة الصلاة على النبي ﷺ إلا بعدما رأى سفاح رابعة والنهضة وهو يتباكى أمام قبر رسول الله ﷺ في مدينته، والسيسي يملك عينيه قبحه الله، فما كان من الدعي وزير الدعي إلا أن دعى للصلاة على النبي ﷺ احتفاءً بزيارة سيده عليه لعائن الله لقبر سيدنا عليه صلوات الله، يصدق فيه ظني محرفاً لبيت شعر من تراثنا:
وما حب الديار شغفن جمعة // ولكن حب من زار الديار
وربما أراد أن يسن للناس سنة الصلاة على النبي ﷺ لعل جوال الأرز أن ينخرم وتتدفق الأموال وتزدهر العلاوات بعد التلاوات، فهي دعوة حضر فيها كل شيء إلا حب النبي ﷺ والصلاة على النبي ﷺ، فقد حضرها النفاق للص الحكم في مصر، وحضرتها المكايدة لخصومه، وحضرها حب المال وزرع التواكل في الناس.
فليست مشكلة مصر وما جرى لمصر وما يجري في مصر؛ هي تقصير المسلمين في حب النبي ﷺ وإنهم ليحبونه، ولا في ترك الصلاة عليه؛ وإنهم ليجلونه ويصلون عليه، ولا في مجافاته وآله؛ بل هم أشد الناس حباً لمحمد ﷺ وآل محمد وأصحاب محمد ﷺ، إنما مشكلتهم في تجفيف منابع الدين ونشر الفساد والانحلال ونشر الربا وتقنين الزنا واستبدال الشرائع وقتل وسجن وتشريد دعاتها.
وزد على ذلك النهب والسلب والفساد وتصدر القزم الجاهل الذي يظن نفسه طبيباً وفيلسوفاً، فيحكم في السياسة والاقتصاد والاجتماع والجغرافيا ويفتي في الدين ولا معقب لحكمه ولا راد لقضائه ولا منازع لرأيه، فهو هو من قال فيه السيد الشهيد قطب:
هو فاتحٌ هو عبقريٌ ملهَمُ // هو مرسَلٌ هو عالمٌ ومعلِّمُ
ومِنَ الجهالةِ ما قتَلْ هُبَل… هَبَل
وإني لسيء ظني بالنذل مختار جمعة ومن استوزره فلعله بعضاً من أوزاره ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة، فلن يمضي مثل جمعة إلا وقد سن للناس سنة يبوء بها بالكفر من دينه الشر.
- د. خالد سعيد يكتب: أدمها حِمَامَ الموتِ ترمي به العدا - يونيو 16, 2023
- د. خالد سعيد يكتب: حين كادت دولة الرفاه أن تقف ضد صانعيها - يونيو 14, 2023
- د. خالد سعيد يكتب: «رصيد الستر» من مخترعات الإنترنت - يونيو 3, 2023