التعصبُ مرضٌ عقليٌ ونفسيٌ عضال، وهو ناتجٌ عن التقليد السَّاذج الأعمى للآخرين؛ من المسلمين أو الغربيين، السابقين أو المعاصرين.
والتعصبُ إذا اشتط صاحبه تحوَّل إلى تشدد وتطرف، وإن غلا صاحبه ورأى أن يفرض مذهبه وفكره على الآخرين باليد والسلاح،
وليس عن طريق الإقناع والعقل، تحوَّل إلى (الإرهاب)!!، فكل إرهاب كان في بدايته مجرد تعصب فكري.
وكل إنسان يمكن أن يصاب بمرض التعصب، ما لم يتّحْ له -في المدرسة والجامعة ووسائل الإعلام وفضاءات الثقافة والسياسة-
قدرٌ كاف من التربية والتعليم السديد، مع حرية في الفكر واستقلال في العقل) المعضد بالفكر الناقد، وطرح الأسئلة، والتشكك المنهجي الباحث عن الحجة المنطقية؛
وقديماً قال الغزالي أبو حامد:
(الشكوك هي الموصلة إلى الحقائق، فإنَّ مَنْ لم يشك {أي: الشك الذي يجعله يبحث عن الدليل} لم ينظر،
ومن لم ينظر لم يبصر، ومَنْ لم يبصر بقي في العمى والضلال)، أي: بقي مقلدا لغيره تقليدا ساذجا، يؤدي به إلى التعصب المقيت.
ومما يحزُنُنِي أن أكثر أساليب التعليم وطرائقه في معظم مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا ووسائل إعلامنا، وثقافتنا، وسياستنا،
لا تستهدف -من قريب أو من بعيد- تكوين عقلية ناقدة حرة مستقلة.. تطرح تساؤلات وتبحث عن الدليل،
لكنها أساليب وطرائق تعليمية تشكل عقولا -على الأغلب- مستسلمة مقلدة، مهيأة للإصابة بداء التعصب، الذي قد يتحول إلى تطرف، وربما تتهيأْ له الظروف كي يتحول إلى (إرهاب)!!
والله أعلم.
- د. محمد الشرقاوي يكتب: قول في الحالة السودانية الراهنة - يونيو 3, 2023
- د. محمد الشرقاوي يكتب: ملاحظاتي على الانتخابات التركية 2023 - مايو 31, 2023
- د. محمد الشرقاوي يكتب: ذهب الرجال وبقي الجدال!! - أبريل 14, 2023