في خرجة مفاجئة ومن المستحيل أن ينتظرها البعيد قبل القريب، يخرج سعيداني الرجل القوي في عهد بوتفليقة بتصريحات غريبة، وتعتبر مغايرة تماما منذ استقلال الجزائر؛ حيث صرح بأن الصحراء الغربية أرض مغربية، وأنه لا يحق للجزائر أن تساند البوليزاريو التي تعتبر مجموعات انفصالية.
– يعتبر هذا التصريح أخطر تصرح تقريبا وأخطر موقف يتخذه رجل محسوب على النظام، وبهذا يعتبر سعيداني قد تجاوز محمد بوضياف في جرأته؛ لأن محمد بوضياف وإن كان صاحب الخلفية الثورية؛ لأنه من الستة مفجري الثورة؛ إلا أنه لما كان يصرح بأن الصحراء مغربية ومشاركته في المسيرة الخضراء كان حينها معارضا في المنفى ومحكوم عليه بالإعدام؛ أي أن الرجل ليس له ما يخسره، وقد يكون اتخاذه لهذا الموقف مساومة للنظام في الداخل من أجل التنازل له عن مطالبه مقابل أن يتراجع عن دعمه للملك حسن الثاني، وإن كان من الممكن أن ننتظر نية الرجل بعد عودته للجزائر سنة 1992 بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للدولة، ولكن الموت عاجله قبل أن تظهر حقيقته، إلا أن كل هذه التخمينات لا تنطبق على سعيداني؛ فهو من رجال النظام الأقوياء، خاصة أنه كان الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحزب الحاكم منذ الاستقلال، وأنه منذ انقلاب 92 لم يتجرأ أحد على مهاجمة الجنرال توفيق إلا سعيداني، وهاجمه مهاجمة شديدة، كما هاجم كل أجنحته الخفية، والتي ظهرت حقيقتها بعد حراك 22 فبراير.
-كما كان للرجل دور مهم قبل سقوط بوتفليقة، حيث أراد النظام الحاكم حينها (العصابة اليوم) أن يوهم الناس أن ختم رئيس الجمهورية عند شقيق الرئيس؛ وذلك عبر لقاء متلفز في قناة الشروق نيوز، مع مدير مجمع الشروق علي فضيل الذي وافاه أجله قبل أيام (رحمه الله)، فيخرج سعيداني في تصريحات لصحيفة كل شيء عن الجزائر ويؤكد أن الختم ليس عند أخ الرئيس وإنما هو عند مدير ديوان رئيس الجمهورة، وكان الخبر مثل الصاعقة للكثير؛ قصدي أنه حتى بعد الحراك يعتبر الرجل من المجموعة التي أسقطت نظام بوتفليقة، أي وإن كان من رجال الدولة ولكنه ليس في نظام بوتفليقة؛ وهذا يجعلنا نتساءل لماذا إذا يصرح بمثل هذه التصاريح التي تخالف سياسة الجزائر منذ الاستقلال، وهل مثل هذه التصاريح تصب في مصلحة الجزائر بعد الحراك أم أنه أراد أن ينتقم مثل بوضياف (إذا افترضنا أن دعم بوضياف للمغرب كان انتقاما ومن أجل الحصول على ..)، وإن كان سعيداني لا يحتاج شيئا؛ فلماذا هذه التصريحات المريبة.
يتبع.
- عنتر فرحات يكتب: طرقية الجزائر الجدد (2-2) - يونيو 20, 2023
- عنتر فرحات يكتب: طرقية الجزائر الجدد (1-2) - يونيو 17, 2023
- عنتر فرحات يكتب: زلزال سوريا وأدوات نظام العولمة في الاختراق والسيطرة - فبراير 13, 2023