سمير حسين زعقوق

«أخاند بهارات».. للهند كذلك أحلامها التوسعية والمسلمون الضحية الأولى

«أخاند بهارات» يعني «لم شمل الهند»، هذه الفكرة الإمبراطورية تشغل حيزًا كبيرًا في أفكار قادة حزب «بهارتيا جاناتا» الهندوسي المتطرف، فقبل أقل من ثماني سنوات صعد هذا الحزب إلى رأس الحكم في الهند، استطاع أن يحوّل الهند إلى جحيم لكل الأديان والأفكار التي تخالف توجه الحزب في كونه جاء للسلطة لهندكة الهند.

ليت الأمر يصل إلى هذا الحد، فقد استعرض الكاتب «فريدريك كولر» في صحيفة لوتان (Le Temps) السويسرية تحذير الباحث الهندي «سوشانت سينغ» مما سماه «لم شمل الهند» أو «أخاند بهارات»، وهو تنفيذ الحلم الوحدوي بإقامة الهند الكبرى التي تضم أفغانستان وباكستان وبنغلاديش والتبت ونيبال وبوتان وسريلانكا وجزر المالديف وحتى ميانمار.

هذا الحلم الذي يراود المنظمة القومية الهندوسية «راشتريا سوايامسيفاك سانغ» منذ ما يقرب من قرن -حسب مقال للباحث الهندي- تلك المنظمة التي أعلن رئيسها الحالي «موهان بهاغوات» في اجتماع عام في أبريل الماضي أنه سيتم إنجازه في غضون ما بين 10 و15 سنة، وهو ضمن ما يعرف باسم «الهندوتفا»، عقيدة القومية الهندوسية.

ولتحقيق هذا الحلم، يتعين أولا تحويل الهند الحالية إلى أمة هندوسية، علما بأن ما يزيد عن 350 مليون مسلم يعيشون فيها، وهم يمثلون 25% من السكان، مما يوحي بأن الأمر مجرد أوهام أو مزحة مستهجنة، إلا أن «بهاغوات» الذي يقول هذا الكلام هو معلم رئيس الوزراء ناريندرا مودي عضو هذه المنظمة التي يمثل حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم جناحها السياسي.

ولهذا السبب يعتقد الباحث «سينغ» أنه سيكون من الخطأ اعتبار كلام «بهاغوات» نوعا من الهذيان، لأن مهمة رئيس الورزاء الهندي «ناريندرا مودي» هي تحقيق أهداف منظمته، وبالتالي فإن من يشككون في الكلام عن «إعادة توحيد الهند» الآن، لا يختلفون في شيء عمن كانوا يشككون في كلام روسيا قبل 24 فبراير الماضي عندما غزت أوكرانيا.

القضاء على المسلمين الهدف الرئيسي

ومثل ما يوجد لدى مؤيدي فكرة «إمبراطورية روسية كبرى» أو «إمبراطورية صينية مجيدة»، فإن لدى الهندوس قصة إذلال تغذي وضعهم كضحية، وبالتالي تتحين فرص الانتقام الذي يتعين اتخاذه، وقد قالت المنظمة الهندوسية المذكورة -دون شهادة أي مؤرخ- إن مملكة هندية يعود تاريخها إلى 2000 عام «غطت» الأراضي المطالب بها اليوم، وقد فسروا تفككها بالهيمنة الإسلامية منذ 1200 عام، كما ذكر مودي نفسه عام 2014.

ويعني هذا الكلام بكل وضوح -حسب الباحث الهندي- أن العدو محدد وهو داخلي، ليكون سكان الهند المسلمون الهدف الرئيسي للمراجعات الدستورية الأخيرة لتعزيز الهوية الهندوسية للبلاد، وما الاحتجاجات المتصاعدة من الدول الإسلامية ضد نيودلهي إلا بسبب عبارات مهينة ضد الإسلام تفوه بها شخصان من حزب بهاراتيا جاناتا.

ادعاء بناء «تاج محل» على أنقاض معبد هندوسي

وفي نفس السياق، يستهدف متطرفو الهندوس الجوهرة المغولية الإسلامية «تاج محل» مدعين أنها بنيت على أنقاض معبد هندوسي، كما سار القوميون الهندوس في أنحاء العاصمة يهتفون تأييدا لسياسة «توحيد روسيا» على غرار «إعادة توحيد الهند».

السؤال الذي يطرح نفسه؛ هل ينجح الهندوس في العودة لإمبراطوريتهم المزعومة؟

في الوقت الذي تسعى فيه الهندوسية إلى التوسع الأفقي من خلال المطالبات بضم عدد من الدول المحيطة، هناك حركة داخلية يقودها السيخ بالاستقلال عن الهند، وبناء وطن خاص لهم ينحصر في (بنجاب)، كلمة (بنجاب) معناها الأنهار الخمسة، ويعتبر بنجاب مركز السيخ على مر التاريخ، ومن أجل ذلك قاموا في العام 2020 بحدث عالمي محاولين فيه إثبات أنهم يريدون وطنا مستقلا لهم تحت مسمى (خَالِسْتَان) وخلال العامين الماضيين يتحرك السيخ في هذا الاتجاه.

هذا فضلا عن أن مسلمي كشمير المحتلة لن يوقفوا عن الجهاد لتقرير مصيرهم، بالاستقلال أو الانضمام إلى باكستان.

وفي الأخير فإن «أخاند بهارات».. لن يكون حلم الهند الإمبراطوري، لكنه طريق تفتيت الهند، وسوف يرى الهندوس ذلك قريبًا!

من ‎سمير حسين زعقوق‎

صحفي، باحث في الشئون الآسيوية