محمد السخاوي

يقول الله تعالى في كتابه الكريم:

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ، واحِدَةٍ، وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13]

 

{مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} [نوح: 13- ١٤]

 

{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الحديد: 4]

 

كتاب الله كتاب الكون. تحتوى آياته على كل المداخل النظرية والعلمية اللازمة لفهم هذا الكون ومخلوقات الله فيه.

إذن فإن فهم القرآن والعمل به يتطلب الإلمام بكل العلوم الإنسانية الاجتماعية منها والعلمية أيضا.

لأن العلوم جميعا علوم القرآن. علوم شرعية. لذلك فتقسيم العلوم إلى علوم شرعية وغير شرعية قول غير شرعي.

تعلم العلوم جميعا مساعد رئيسي لنا لفهم القرآن فهما صحيحا شاملا مترابطا وموضوعيا.

العلوم الشرعية

ولذلك فإن الذين يقصرون العلوم الشرعية على علوم القرآن والسيرة واللغة ويدرسونها.

ويتوقفون عندها ولا يدرسون العلوم الإنسانية الاجتماعية (علوم الفلسفة  والمنطق وعلم النفس والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والسياسة) لا يستطيع أن يلم ويفهم التطور الاجتماعي الإنساني.

 

إعمالا لما تقدم: إن الغالبية العظمى من الفقه المطلوب منا أن نقف على دراسته هو «فقه الخلافة»، الخلافة نظرية ودوله. فقه مرحلة الانتصار وحكم العالم كله.

وليس لدينا فقه الهزيمة، فقه مرحلة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية علينا وعلى العالم كله هيمنة حضارية وثقافية، سياسية واقتصادية واجتماعية وعلمية.

علامات الهيمنة

وأبرز علامات هذه الهيمنة: التجزئة والتبعية؛ بمعنى الإقصاء الحضاري لشعوب وأمم الجنوب. لتكون مجرد «مسخ» للشمال، استعمار جديد أو بمعنى أوضح عبودية جديدة.

 

توجد دراسات فقهية تلمس الظاهرة الاستعمارية الصهيونية. لكنها من غير رجال الدين من ناحية. ولا تتعامل مع قضية التجزئة باعتبارها القضية الأم لحالة التردي والتأخر والتخلف التي نحياها عربا وغير عرب.

بل ولفهم بوادر الثورات الشعبية فى بلدان الشمال على التوحش الرأسمالي الصهيوني.

فقه الثورة

الأمه العربية أبرز مثال لهذه الحالة. حالة الاستعمار الجديد أو العبودية الجديدة. الأمة العربية باعتبارها الأمة الإسلامية، أمة مجاهدة لكنها تفتقد الفقه، الذي يعلم الشباب فقه الثورة على التجزئة والإقصاء الحضاري الشامل.

فقه البديل الحضاري الشامل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. فقه العلاقة بين الثورة والدولة.

باختصار فقه الثورة الشعبية الحضارية. إجابة على السؤال: ما هي شروط ومواصفات هذه الثورة؟

القومية نقيض التجزئة

في حالتنا العربية القومية نقيض التجزئة..

التجزئة استعمار وصهيونية والقومية هي التجسيد للوحدة الموضوعية للواقع القومي المجزأ.

نحن إذا في حاجه إلى نظرية ثورية قومية تحيى وتعبئ الوعي القومي الوحدوي لجماهير الأمة المناهض لحالة التجزئة الاستعمارية الصهيونية.

لتكون الثورة قومية المنطلقات والغايات والأسلوب.

ولتكون الثورة القومية قادرة على طرح النموذج الحضاري البديل للنموذج العبودى الرأسمالي الصهيوني الراهن.

شروط الثورة القومية

لكننا في سعينا لتوفير شروط الثورة القومية نواجه بمقاومة شديدة من معظم الفصائل الإسلامية..

لأنها تفتقد الدراسات الفقيه حول الاستعمار الجيد وظواهره المتعددة وأبرزها التجزئة من مشايخهم .

خاصة وأنهم متمترسون حول مفاهيمهم الفقهية القديمة.

ولذلك وبسبب هذا النقص المعرفي الفقهي يتهمون الدعوة للثورة القومية بالعنصرية والعصبية الجاهلية.

 

كلا: الثورة القومية هي النهج والأسلوب الوحيد للتحرر القومي العربي.

الإسلام لم يلغى الأطوار الاجتماعية ( الأسرة . القبيلة . العشيرة . الشعوبية ثم المرحلة القومية مرحلة المجتمع الأمة)

والمرحلة القومية مرحلة ليست مخلده . فهي مرحله تسلم لمرحلة أخرى أعلى منها ولكن لا يمكن تخطيها لمواصلة تطورنا ونهضتنا وأداء وظيفتنا الحضارية الإنسانية الإسلامية..

نحن مستعدون للحوار..

والله المستعان.

من محمد السخاوي

باحث سياسي