ومن ناحية أخرى انتهى الباحث في تاريخ القاهرة أحمد حافظ الحديدي ـ حفيد الجبرتي ـ في دراسة له إلى أنه بعد مراجعة تاريخية موضوعية ونزيهة استغرقت بضع سنوات، تبين له أنه حتى القرن العاشر الهجري الموافق السادس عشر الميلادي لم يكن يوجد مدفن للسيدة زينب في القاهرة.
وقال إن الضريح المعروف حاليا في وسط العاصمة المصرية لم يكن أرضا عند وفاة السيدة زينب عام 62 هجرية، بل كان جزءا من نهر النيل، وهذا ثابت تاريخيا في المراجع المتخصصة، وبعد أن انتقل نهر النيل منه، ظل مليئا بالبرك والمستنقعات لمدة 300 سنة، وأن المكان الحالي لمسجد السيدة زينب، كان في عصر الدولة الأموية مستنقعات مائية.
واعتبر أن الحديث التاريخي عن وجود أضرحة لآل البيت في مصر من فتنة الدولة الفاطمية، فقد ضخم الفاطميون أشياء كثيرة وكبروها، بل واخترعوها اختراعا، لكن في الحقيقة المؤرخ والكاتب المصري محكوم بقوى ضاغطة من بعض جماعات التصوف والتي لا ترى ضرورة البحث العلمي الموضوعي، فإذا حدثتها بأن هناك شكا في قبر الحسين أو قبر السيدة زينب أو كذا، كان الرد عنيفا.
فالدولة الفاطمية لم تقصر في انتحال كثير من هذه الأشياء وفي التدليس بها، وكان لديها قافلة من الكتاب تخصصوا في مثل هذه الأعمال، وبعضهم اعترف بأنه مأجور وباع دينه من أجل أن يكسب حلوى وأموال الفاطميين.
وأوضح الحديدي الذي يوصف بأنه حارة القاهرة لاهتمامه الواسع بتاريخها في دراسته أن ضريح السيدة زينب بمصر لم يذكر مطلقا في المصادر التاريخية، سواء في المصادر العامة وبعضها موسوعي، أو في المصادر المتخصصة في موضوع الخطط والمزارات القاهرية، ولا في كتب الرحالة المسلمين مثل ابن جبير ومحمد العبدري، وقال بأن هذا القول يعود إلى شائعة انتشرت في نهاية عصر المماليك الجراكسة وقام بنشرها طائفة الأدباتية والمداحين الذين كانوا يجوبون الموالد والمقاهي للارتزاق.
كما أشار إلى اختلاف الأقوال في موقع دفنها بالقاهرة، منها أنها في قبر قرب قناطر السباع، ومقولة أخرى بأنها مدفونة في جبانة بيت النصر، وقال إن أول نص مكتوب عن نسبة هذا الضريح إلى السيدة زينب ورد في حكاية سجلها الشيخ عبد الوهاب الشعراني (المتوفي سنة 973هـ/1565م) في بعض كتبه مثل كتاب المنن الكبرى، أي بعد نحو تسعة قرون من وفاتها.
ومن ناحية أخرى فإن علي باشا مبارك تحدث في القرن الـ19 عن مسجد السيدة زينب في الجزء الخامس من الخطط التوقيفية بأنه لم ير في كتب التواريخ أنها جاءت إلي مصر في الحياة أو بعد الممات، والمقصود بقوله بعد الممات هو نقل رفاتها.
هذا عن قبر السيدة زينب المزعوم، أما بالنسبة لقبر الحسين بن على الموجود له مسجدا به قبرا أمام الجامع الأزهر، فهو لم يأت إلى مصر مطلقا حيا أو ميتا، بجسده أو برأسه أو بأي جزء من رفاته، ومسجد الحسين بدأ في الأساس كمسجد لأهل السنة في العهد الفاطمي الذي أحال مصر إلى شيعية، لكن الفاطميون استولوا عليه بقصة مفبركة ملخصها أنهم أتوا برأس
الحسين من عسقلان ودفنوها في هذا المسجد، رغم أن عسقلان حينذاك كانت خاضعة للاحتلال الصليبي، وكان الغرض من هذه القصة أن يتحول المسجد السني إلى مسجد لأهل البيت، ويكون من أهم مشاهد آل البيت في مصر، وبالتالي نزع من السنيين وأخذه الشيعة في عهد الدولة الرافضية الشيعية الخبيثة الكافرة الملحدة، كما أجمع على ذلك كل مؤرخي الإسلام.
- صلاح الإمام يكتب: جزاء سنمار.. أصل الحكاية - ديسمبر 3, 2022
- صلاح الإمام يكتب: ماذا تعرف عن قبيلة قريش؟ - نوفمبر 29, 2022
- صلاح الإمام يكتب: لا وجود للحسين أو السيدة في مصر (3 ـ 3) - نوفمبر 25, 2022