الشيخ كشك
الشيخ عبد الحميد كشك

 

– وُلِـدَ “عبد الحميد بن عبد العزيز كشك” في شبراخيت بمحافظة البحيرة، يوم الجمعة 13 ذو القعدة 1351 هـ .. الموافق لـ 10 مارس 1933م،

وحفظ القرآن وهو دون العاشرة من عمره،

فـقَـدَ بصره وهو في سن الـ17…أي أنه كان يرى حتى المرحلة الثانوية،

– ثم التحق بالمعهد الديني بالأسكندرية

– حصل على تقدير 100% في الشهادة الثانوية الأزهرية وكان ترتيبه الأول على مستوى الجمهورية، ثم التحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وكان الأول على الكلية طوال سنوات الدراسة،

– كان أثناء الدراسة الجامعية يقوم مقام الأساتذة بشرح المواد الدراسية في محاضرات عامة للطلاب بتكليف من أساتذته الذين كان الكثير منهم يعرض مادته العلمية عليه قبل شرحها للطلاب، خاصةً علوم النحو والصرف.

– عُيّنَ “عبد الحميد كشك” معيدًا بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة عام 1957م، ولكنه لم يقم إلا بإعطاء محاضرة واحدة للطلاب بعدها زهدَ في مهنة التدريس الجامعي، حيث كانت روحه مُعلّقة بالمنابر التي كان يرتقيها منذ الثانية عشرة من عمره، ولا ينسى تلك الخطبة التي ارتقى فيها منبر المسجد في قريته في هذه السن الصغيرة عندما غاب خطيب المسجد، وكيف كان شجاعًا فوق مستوى عمره الصغير، وكيف طالب بالمساواة والتراحم بين الناس، بل وكيف طالب بالدواء والكساء لأبناء القرية، الأمر الذي أثار انتباه الناس إليه والتفافهم حوله.

– بعد تخرجه من كلية أصول الدين، حصل على إجازة التدريس بامتياز، ومثّل الأزهر في عيد العلم عام 1961م، ثم عمل إمامًا وخطيبًا بمسجد الطحّان بمنطقة الشرابية بالقاهرة، ثم انتقل إلى مسجد منوفي بالشرابية أيضًا، وفي عام 1962م تولّى الإمامة والخطابة بمسجد عين الحياة، بشارع مصر والسودان بمنطقة حدائق القبة بالقاهرة.. ذلك المسجد الذي ظل يخطب فيه قرابة عشرين عامًا وما زال يحمل اسمه للآن (جامع الشيخ كشك)

 

السجن والمطاردة:

 

– انطلاقا من قوله تعالى (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) وهي الآية والحُكم الفاصل بين دعاة السلاطين، والدعاة الربانيين، اُعتقل الشيخ كشك، عام 1965م وظل بالمعتقل لمدة عامين ونصف، تنقل خلالها بين معتقلات طرة وأبي زعبل والقلعة والسجن الحربي.

– تعرّض للتعذيب الشديد في سجون جمال عبدالناصر، ورغم ذلك احتفظ بوظيفته إمامًا لمسجد عين الحياة.

– في عام 1972 بدأ يكثّف خُطُبه، وكانت حشود هائلة من المصلين تصلّي خلفه، وكانت الناس تأتي من جميع أنحاء مصر لتستمع للشيخ الأعمى، الذي طبّقت شهرته الآفاق ،وتجاوزت حدود مصر والعالم العربي،

– يظل الشيخ كشك، هو خطيب المنبر الأشهر في التاريخ الإسلامي الحديث، والظاهرة التي يصعب أن تتكرر، فلم يكن يخلو بيتٌ في العالم الإسلامي كله، من شرائط كاسيت للشيخ كشك، وكان الناس يتبادلون ويتهادون شرائط الشيخ في جميع أنحاء العالم، وهذا لم ولن يحدث مع أحدٍ من قبل ولا من بعد، ولذا كان وما زال الشيخ كشك، هو أسطورة الدعوة، وفارس المنابر الأول، والظاهرة العظمى، والرجل الذي سيتوقف أمام اسمه التأريخ الإسلامي طويلا طويلا.

– منذ عام 1976 بدأ الاصطدام بالسلطة وخاصةً بعد معاهدة كامب ديفيد حيث اتهمَ الحكومة بالخيانة للإسلام، وأخذ يستعرض صور الفساد في مصر من الناحية الاجتماعية والفنية والحياة العامة.

– تم القبض عليه في عام 1981 مع عدد من المعارضين السياسيين ضمن قرارات سبتمبر الشهيرة للرئيس المصري محمد أنور السادات، بعد هجوم السادات عليه في خطاب 5 سبتمبر 1981.

وقد أفرج عنه عام 1982 ولم يعد إلى مسجده الذي مُنع منه كما مُنع من الخطابة أو إلقاء الدروس.
لقي الشيخ كشك خلال هذه الاعتقالات عذابًا رهيبًا ترك آثاره على كل جسده رغم إعاقته.

 

في رحاب التفسير

 

ترك عبد الحميد كشك 108 كتابا تناول فيها كافة مناهج العمل والتربية الإسلامية،
كان عبد الحميد كشك مبصرًا إلى أن بلغ المرحلة الثانوية، وكان كثيرًا ما يقول عن نفسه، كما كان يقول ابن عباس:

 

إن يأخذِ اللهُ من عينيّ نورهما

ففي فؤادي وعقلي عنهما نورُ

 

 

وفاته

 

– قبل وفاته في يوم الجمعة قصَّ على زوجته وأولاده رؤيا، وهي رؤية النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وعمر بن الخطاب بالمنام،

رأى الشيخ كشك في منامه الرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول له: “سلِّم على عُمر”، فسلّم عليه الشيخ كشك، ثم وقع على الأرض ميّتا فغسّله الرسول (صلى الله عليه وسلم) بيديه.
فقالت له زوجته: – وهي التي قصّت هذه الرؤيا – علمتنا حديث النبي أنه من رأى رؤيا يكرهها فلا يقصصها.. فقال الشيخ كشك: ومِن قال لكِ أنني أكره هذه الرؤيا ؟
والله إني أرجو أن يكون الأمر كما كان.

– ثم ذهب وتوضأ في بيته لصلاة الجمعة، وكعادته، بدأ يصلي ركعات قبل الذهاب إلى المسجد، فدخل الصلاة وصلى ركعة، وفي الركعة الثانية، سجد السجدة الأولى ورفع منها ثم سجد السجدة الثانية وفيها توفي.
وكان ذلك يوم الجمعة 26 رجب 1417 هـ الموافق لـ 6 ديسمبر 1996م.
وكان دائما يدعو الله أن يتوفاه ساجدا

من يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - رئيس القسم الثقافي