رغم مرور نحو 27 عاما على هدم مسجد بابري التاريخي، الذي أشعل غضبا طائفيا في الهند وأدى لمقتل أكثر من ألفين معظمهم من المسلمين، جاء قرار المحكمة العليا ليبدد آمال المسلمين الهنود.
وقضت المحكمة العليا في الهند بشكل نهائي، اليوم السبت، بتسليم الأرض التاريخية لمسجد بابري للهندوس لتشييد معبد عليه، مقابل منح المسلمين أرضًا بديلة لبناء مسجد عليها، في منطقة أيوديا شمالي الهند.
حول المسجد:
يقع مسجد بابري بمدينة أيوديا بولاية أوتار براديش شمالي الهند. وتبلغ مساحة الموقع 2.77 فدان.
الهندوس يزعمون أن مسجد بابري بني على أنقاض معبد بمكان مولد راما الذي يعدونه إلها، ويدّعون أن الإمبراطور المغولي المسلم هدم معبدهم عام 1528 لبناء المسجد.
عام 1853 قتل 70 شخصًا في مواجهات هي الأولى من نوعها في أيوديا بين الهندوس والمسلمين جراء النزاع على ملكية الموقع المقام عليه مسجد بابري.
المواجهات اندلعت عقب احتجاجات نظمها هندوس متعصبون ليرد المسلمون بمسيرة مضادة. وفي العام 1854 نظم المسلمون مسيرة أخرى تصدى لها الهندوس والقوات البريطانية التي كانت تحتل الهند، ما أسفر عن مقتل أكثر من 700 شخص.
هدم المسجد:
في 1934، تعرض مسجد بابري لأضرار خلال مواجهات بين الهندوس والمسلمين بسبب قتل بقرة.
في 22 ديسمبر/كانون الأول 1949 هجمت مجموعة هندوسية على المسجد ووضعت فيه تماثيل للإلهين رام وسينا لدى الهندوس، ما اضطر الشرطة إلى وضعه تحت الحراسة وأغلقته لكونه محل نزاع.
يوم 3 نوفمبر/تشرين الثاني 1984 سمح رئيس الوزراء الأسبق راجيف غاندي للهندوس بوضع حجر أساس لمعبد هندوسي في ساحة مسجد بابري.
تبع ذلك حكم صادر من إحدى المحاكم سمح بفتح أبواب المسجد للهندوس، وإقامة شعائرهم التعبدية فيه.
في عام 1986، جلبت جماعة هندوسية متشددة الطوب إلى محيط المسجد من أجل بناء معبد مكانه. وفي عام 1990 شهدت مدينة أيوديا مسيرة قادها زعيم حزب “بهاراتيا جاناتا” القومي الهندوسي حينها، “أل كي أدفاني”، وردد المتظاهرون مطلبهم القديم بإقامة معبد هندوسي مكان المسجد.
تأجيج الصراع:
يوم 6 ديسمبر/كانون الأول 1992، هاجم حشد من الهندوس المتطرفين المسجد وواصلوا الاعتداءات وهدموه وحولوه إلى أنقاض خلال ساعات.
هدم المسجد أجج التوتر بين الهندوس والأقلية الهندية المسلمة، وأعمال شغب واسعة النطاق، خلفت أكثر من ألفي قتيل معظمهم مسلمين. واعتبرت هذه المواجهات الطائفية الأعنف في الهند منذ استقلالها عام 1947.
عام 2002، في الذكرى العاشرة لهدم مسجد بابري، تعرض قطار يقل ناشطين هندوسيين من مدينة أيوديا لحريق في ولاية غوجارات ما أسفر عن مقتل 60 شخصًا، وبعد الحريق مباشرة، اندلعت أعمال عنف ضد المسلمين في غوجارات ما أسفر عن مقتل ألفي شخص.
تصاعد الصراع بين المسلمين والهندوس على أرض المسجد التي تمتد على مساحة 25 هكتارا، وأصدرت محكمة هندية عام 2010 قرارا يقضي بتقسيم موقع المسجد ثلثه للمسلمين والثلثان للجماعات الهندوسية المختلفة، وهو الحكم الذي طعن فيه كل الأطراف.
منذ ذلك الحين، ظل المسلمون يطالبون بإعادة بناء المسجد، بينما واصل الهندوس المطالبة ببناء معبد في الموقع.
القضاء الظالم:
جاء ذلك في إطار حملة يشنها القوميون الهندوس وحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، الذي استغل القضية لاستقطاب أصوات الهندوس لصالحه في الاستحقاقات الانتخابية، بتأييده لمطالب المتطرفين الهندوس.
إثر ذلك، تأسست لجنة للتحقيق في الموضوع حملت اسم ليبرهان، وعقدت أكثر من أربعة آلاف جلسة للنظر في القضية.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2010 اتهم تقرير حكومي تم تسريبه للبرلمان زعماء من المعارضة الهندوسية بلعب دور في تدمير مسجد بابري.
في 30 مايو/أيار 2017، دخلت القضية مرحلة جديدة، إذ وجهت محكمة رسميًا اتهامًا للمؤسس المشارك للحزب الحاكم إل كيه أدفاني وقادة آخرين بينهم وزيرة بالتآمر الجنائي في هدم المسجد.
اليوم السبت، صدر القرار النهائي من أعلى محكمة في الهند، يمنح الهندوس أرض المسجد، مقابل تسليم أرض أخرى منفصلة بمساحة هكتارين للمسلمين