أطلقت قطر معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، أمس الإثنين، وهو الأول من نوعه، الذي يتتبّع شجرة نسب المفردة العربية منذ ولادتها وأطوار حياتها حتى وصلت إلينا بدلالاتها العصرية، ويحفظ للعرب لغتهم وهويتهم وحضارتهم.
ودُشّن اليوم المعجم الذي أقامه المركز العربي للبحوث ودراسة السياسات بمعهد الدوحة للدراسات العليا.
ويقدَّم المعجم عبر بوابة إلكترونية متطوّرة تعطي أنواعًا عدة من الخدمات اللغوية والمعجمية والإحصائية غير المسبوقة.
وفي المرحلة الأولى من المعجم رُصدت 100 ألف مفردة تم تعقّبها في اللغات السامية، ويعدّ ضربًًا من الإعجاز حقّقه 300 من أساتذة اللغة من عدة دول، ويتتبّع أقدم نص عربي موثّق حتى العام 200 للهجرة.
وستتولى المرحلة الثانية توثيق الفترة الممتدة حتى زمننا الحالي.
ويعد المعجم الذي بدأ العمل فيه منذ شهر مايو 2013، أول معجم يؤرّخ ألفاظ اللغة العربية ومعانيها، للمحافظة على اللغة العربية وهوية الأمة.
وتكمن أهمية المعجم حسب تصريح للدكتور عز الدين البوشيخي المدير التنفيذي للمعجم في كونه معجماً يوفر للباحث ألفاظ اللغة العربية ومعانيها في سياقاتها التاريخية التي استُعملت فيها، فيكون بذلك أضخم معجم لغوي على الإطلاق، كما أنه يُعَدّ موردا كبيرا لاستخلاص أنواع من المعاجم اللغوية، لتلبية حاجات المستعملين بمختلف أنواعهم، كالمعاجم اللغوية التعليمية بحسب المستويات، وكالمعاجم اللغوية بحسب أجناس القول من قبيل معجم ألفاظ الشعر العربي بحسب العصور، أو المعاجم اللغوية لألفاظ الحضارة، أو المعاجم اللغوية بحسب الحقول الدلالية، أو المعاجم المصطلحية بحسب التخصصات العلمية المختلفة أو غيرها، فضلا عن مرجعيته العلمية إذ سيُتاح للباحثين لأول مرة بفضله قراءة نصوص التراث قراءة علمية تستند إلى فهم لغوي تاريخي للألفاظ والمعاني والمصطلحات والمفاهيم، هذا إلى جانب المنجزات التي رافقته كالمدونة اللغوية الضخمة، وببليوغرافيا الإنتاج المعرفي العربي الممتد عبر التاريخ، وفهارس أسماء المؤلفين وتواريخ تأليف النصوص، وغير ذلك كثير.
كما سيشكل قاعدة انطلاق عدد من المشروعات العلمية، كبناء أنطولوجيا دلالية عربية، وإنجاز دراسات وأبحاث لغوية ومفهومية معمقة في مجالات المعرفة المختلفة. ولذلك، أقول إن إنجاز هذا المشروع على الوجه المطلوب، كما خُطّط له، سيُشكل نهضة لغوية عربية حقيقية.
بالإضافة إلى أن هذا المعجم مشروع غير ربحي، وانه تم إنجازه لفائدة الأمّة وللباحثين من مختلف دول العالم، وهو معجم أنهى مرحلته التأسيسية ومفتوح على المراحل الموالية، وقابل للتعديل والتطوير بصورة يومية ومستمرة.
ودعا علماء العربية والباحثين المتخصصين أن يساهموا في إغنائه وتجويده، كما فعل المتطوعون الإنجليز في تطوير معجم أوكسفورد الشهير إذ بإمكان كل باحث أن يُقدم تعليقه على أي عنصر من عناصر المدخل المعجمي: على اللفظ، أو الوسم، أو التاريخ، أو التعريف، أو الشاهد، أو المصدر كما يمكنه التعليق على المادة المعجمية المنشورة بأكملها، وثمة فريق في مؤسسة معجم الدوحة مهمته فرز هذه التعليقات وتقييمها إما للأخذ بها أو للرد على صاحبها، حسب الحالات، فضلا عن تخصيص “منتدى المعجميين” كقناة أخرى للتواصل مع الجمهور في الموقع الإخباري للمعجم.