من المقرر أن تنظر محكمة العدل الدولية في لاهاي الثلاثاء المقبل قضية رفعتها دولة غامبيا تتهم فيها حكومة ميانمار بممارسة الإبادة الجماعية ضد أقلية الروهنغيا المسلمة.

وخلال الجلسات التي ستعقد على مدى ثلاثة أيام، ستطلب غامبيا من المحكمة اتخاذ “تدابير مؤقتة” لحماية الروهنغيا قبل النظر في القضية بشكل كامل.

وتقود زعيمة ميانمار أونغ سان سو تشي وفد حكومتها إلى لاهاي للدفاع عن جيش بلادها الذي شنّ حملة قمع وحشية ضد أقلية الروهنغيا المسلمة في العام 2017 مما دفع نحو 740 ألفا منهم للفرار نحو بنغلادش المجاورة.

وفي ما يلي أبرز المحطات الرئيسية في هذه الأزمة الإنسانية:

1- اجتياح القرى المسلمة

في أغسطس/آب 2017 شن جيش ميانمار هجوما على قرى روهنغية في ولاية أركان بشمالي البلاد.

وأعلن الجيش أنه قتل 400 متمرد. لكن التقارير الحقوقية تؤكد أن غالبية الضحايا من المدنيين. وتحدثت الأمم المتحدة عن ألف قتيل على الأقل في أول أسبوعين للعمليات العسكرية.

2- الهروب من الأرض المحروقة

بعد 11 يوما على الهجمات، عبر أكثر من 120 ألفا من الروهنغيا الحدود إلى بنغلادش التي أصبحت فجأة في مواجهة موجة نزوح كثيفة. وتحدث الكثير من اللاجئين عن انتهاكات ارتكبها الجيش.

وتعد بنغلادش من أفقر البلدان في العالم، وكانت تضم 200 ألف لاجئ من الروهنغيا قبل موجة النزوح الجديدة.

وتصاعد الغضب الدولي ضد ميانمار (بورما قديما). واتهم اللاجئون الفارون الجيش بحرق بيوتهم، في حين تحدث قادة دوليون عن احتمال حدوث “تطهير إثني”.

وفي أول تعليق رسمي لها على الأزمة، نددت الزعيمة الميانمارية أونغ سان سو تشي “بكم هائل من المعلومات المضللة” التي لا تعكس -بحسب قولها- الحقيقة على الأرض. وتعهدت بمحاسبة المخطئين، لكنّها رفضت تحميل الجيش المسؤولية.

3- تنديد أممي بالتطهير العرقي

صعدت الأمم المتحدة لهجتها حيال جيش ميانمار والمليشيات البوذية، واصفة الفظاعات التي ترتكب بحق الروهنغيا بأنها “نموذج كلاسيكي لتطهير عرقي”.

وفي 5 ديسمبر/كانون الأول 2017، حذّر المفوض السامي السابق لحقوق الإنسان من “عناصر إبادة جماعية” محتملة في القضية، ودعا إلى إجراء تحقيق دولي.

وفي تقرير لها، نددت منظمة العفو الدولية “بسياسة الأرض المحروقة” التي تستهدف أقلية الروهنغيا المسلمة. واستنادا إلى صور بالأقمار الاصطناعية اعتبرت المنظمة غير الحكومية أن الهجمات “مخطط لها ومتعمدة ومنهجية”.

4- اتفاق لم ينفذ

توصلت ميانمار وبنغلادش يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 إلى اتفاق لبدء إعادة اللاجئين إلى ميانمار.

لكن المفوض السامي لحقوق الإنسان قال إن الظروف ليست مواتية لعودة آمنة، فتوقفت العملية برمتها.

5- حجب الحقائق وسجن الصحفيين

ولا تتمكن وسائل الإعلام الدولية أو المراقبون من الوصول إلى ولاية أركان التي تطوقها قوات أمن ميانمار.

وفي 3 سبتمبر/أيلول 2018 أصدرت محكمة في ميانمار حكما بالسجن سبع سنوات على صحفييْن يعملان في وكالة رويترز متهميْن بخرق قانون أسرار الدولة بسبب تغطيتهما للمذابح ضد الروهنغيا.

وبعد 500 يوم في السجن، تم الإفراج عنهما بعفو رئاسي يوم 7 مايو/أيار 2019.

6- تحقيق دولي وضغط شعبي

في 25 أغسطس/آب 2018، نظّم عشرات الآلاف من اللاجئين الروهنغيا احتجاجات في الذكرى الأولى لنزوحهم.

ودعا تحقيق للأمم المتحدة إلى مقاضاة قائد جيش ميانمار وخمسة قادة كبار آخرين بتهم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

وفي 18 سبتمبر/أيلول 2018 أعلنت محكمة العدل الدولية في لاهاي إطلاق تحقيق مبدئي في الجرائم التي يتهم جيش ميانمار بارتكابها ضد الروهنغيا.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته فشلت محاولة لإعادة 2260 لاجئ مع رفضهم مغادرة المخيمات دون ضمانات تتعلق بأمنهم.

7- عقوبات أميركية ضد العسكريين

في 16 يوليو/تموز 2019 أعلنت واشنطن فرض عقوبات على قائد جيش ميانمار وثلاثة قادة كبار آخرين لدورهم في “تطهير عرقي” في البلد الآسيوي.

وفي 22 أغسطس/آب 2019 كان من المفترض إعادة 3500 لاجئ إلى ديارهم، لكن أحدا منهم لم يظهر ليستقل الحافلات والشاحنات المنتظرة لإعادتهم وسط مخاوف واسعة من تعرضهم لحملة قمع جديدة.

وفي 16 سبتمبر/أيلول الماضي قالت الأمم المتحدة إن نحو 600 ألف من الروهنغيا المتبقيين في ميانمار يواجهون “مخاطر جادة للإبادة الجماعية”.

8- تصاعد الملاحقة القانونية

وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أجاز قضاة المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق في جرائم مزعومة مرتكبة في ميانمار ضد أقلية الروهنغيا المسلمة، بما في ذلك أعمال العنف والترحيل التي قد تشكل جرائم ضد الإنسانية.

وتأتي الموافقة بعد ثلاثة أيام من تقديم غامبيا دعوى قضائية في محكمة العدل الدولية متهمة ميانمار بالإبادة الجماعية ضد الروهنغيا.

وفي الأسبوع ذاته، رفعت منظمات حقوقية دعوى ثالثة ضد ميانمار بموجب مبدأ الاختصاص العالمي في الأرجنتين.