بعد النجاح الكبير الذي حققته المسيرات السلمية، والتي فاجأت العالم فعلا بحضارتها ورقيها فضلا عن سلميتها، والتي جعلت الفساد المسيطر في الجزائر فاغرا فاه، ولكن بطبيعة الحال أهل الفساد المسيطرين في الدولة لن يقفوا متفرجين أو مكتوفي الأيدي، وليسوا هم وحدهم بل معهم قوى عظمى مستفيدة من بقائهم في السلطة من أجل استنفاذ خيرات البلاد.

 

لذلك من المعلومات التي تسربت أنه أول من بادر بزيارة الجزائر بعد أول حراك بعد 22\2 وزير الدفاع الإيطالي، ثم أتبعه لجنة من الكونغرس الأمريكي، وبطبيعة الحال الوجود الفرنسي الدائم.

 

ثم جمعة 1\3 والتي كانت بمثابة تأكيدا للمسيرة التي قبلها، إلا أن جمعة 8\3 كانت فعلا مليونية شعبية، حيث خرجت كل المدن الجزائرية ومن غير  مجاملة ما يعني النهاية الحتمية للنظام المسيطر في الجزائر.

 

الغريب أنه قبل أن تنتهي مسيرة الجمعة التي أسقطت فعلا شرعية النظام، خرجت دعوات تدعو إلى العصيان المدني، ولا أحد  يعلم من هم أصحابها أو من خطط لها.

 

وإن يكن من شيء؛ فهي مريبة في دعوتها، وليس بغريب أن ينكرها الشارع الجزائري، ولكنها سببت رعبا شديدا في الوسط الشعبي، حيث بدأ يَتَراءَى لَه مشاهد  العصيان المدني سنة 1992م، وما أتبعه من ويلات، ومع ذلك من الممكن السيطرة على هذه الدعوات بطريقة أو بأخرى، بفضل الرجال المخلصين.

 

-ولكن الخوف الحقيقي والكبير هو أن تكون هذه الدعوات قَدِ انحَنتْ مَنحَى عِرقي، وهذا الوتر الحساس هو الذي تلعب عليه العصابة دائما، فإذت حصل العصيان المدني في منطقة القبائل الكبرى، فسيكون فعلا كارثة على الحراك الجزائري، لأنه سيتخذ مَنحى عِرقيا، وهذا ما يسبب تصدعا في التماسك المجتمعي الذي أظهرته المسيرات السلمية، حيث أنه تلاحم الشعب وظهرت صورته الحقيقية، وخير مثال لذلك مدينة غرداية.

 

فرجاؤنا وأملنا في الأحرار في منطقة القبائل أن يحكموا العقل ويتركوا الأمر للعقلاء منهم، لأنه لا مجال للعاطفة اليوم، وكما أثبت الشعب الجزائري أنه شعب واحد، و لحمة واحدة، نرجو منكم وأنتم أحفاد الأبطال والشهداء ألا تعطوا الفرصة لكل متربص بالجزائر وشعبها، وكما كنتم دائما أيقونة الحراك والثورة، نرجو أن تكونوا اليوم الأيقونة الفكرية التي تُنِيرُ هذا الحراك.

من عنتر فرحات

كاتب وباحث في الشئون الإسلامية