فمن الأمور التي تُدخل السرور على النفس، وتزيد الألفة بين القلوب أن يجد الإنسان من يتفقَّد أحواله ويسأله عنه ويتابع أخباره، ففي هذا تعبيرٌ عن جميل العناية والاهتمام به، ممَّا يورث المحبَّة والودَّ بين هذين القلبين،

وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يتابع أخبار أصحابه ويتفقَّد أحوالهم، رغم ما يتحمَّله من أعباءٍ وتبعاتٍ عظام،

كما يحكي عنه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه فيقول: تزوَّجت امرأةً في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم،

فقال: (يا جابر، تزوَّجت؟)

قلت: نعم،

قال: (بِكرٌ أم ثيّب؟)

قلت: ثيِّب،

قال: (فهلا بكرًا تلاعبها؟)

قلت: يا رسول الله، إنَّ لي أخوات، فخشيت أن تدخل بيني وبينهن،

قال: (فذاك إذن)   .

كذلك -أخي الكريم- من الأمور التي تنمِّي الألفة والمودَّة والحبَّ بين القلوب أن يكون الداعية مخالطًا لمن يدعوه، متباسطًا معه، متواضعًا له،

كما علَّمنا ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكيه عنه أنس بن مالك رضي الله عنه حين قال: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا، حتى يقول لأخٍ لي صغيرٍ: (يا أبا عمير، ما فعل النغير؟) ، والنغير طائرٌ صغيرٌ كالعصفور.

فالداعية يتفهم فروق الاهتمامات ويدرك متطلبات السن فعن عائشة رضي الله عنها قالت ثم كنت ألعب بالبنات عند النبي  صلى الله عليه وسلم  وكان لي صواحب يلعبن معي فكان رسول الله  صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينقمعن منه فيسربهن إلي فيلعبن معي)

ومن المجالات المقترحة التي يمكن للداعية أن يخالط فيها من يدعوهم لتزداد الألفة بينهم: الاجتماع معهم على الطعام، المشاركة في لعب رياضةٍ جماعيَّةٍ معهم، السفر معهم.. إلخ.

ومن الخلطة والود أن يتودد إلى الناس بالسلام بالفعل  وبالقول :

فإلقاء السلام  وإشاعته وان يأمنك الناس ويشعرون بالأمان منك ومعك من الوسائل التي تقرّب النفوس، وتزيد الألفة، وتشيع الحب والمودَّة،

كما علَّمنا ذلك النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (أولا أدلُّكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السّلام بينكم)  .

قد صافح النبي صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب حين قدم من الحبشة، وأمر بها، وندب إليها، وقال: (تصافحوا يذهب الغل)

وروى غالب التمار عن الشعبي أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا إذا التقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا

قال القرطبي في التفسير: قد جاء في المصافحة حديث يدل على الترغيب فيها، والدأب عليها والمحافظة؛ وهو ما رواه البراء بن عازب قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي فقلت: يا رسول الله! إن كنت لأحسب أن المصافحة للأعاجم؟ فقال: (نحن أحق بالمصافحة منهم ما من مسلمين يلتقيان فيأخذ أحدهما بيد صاحبه مودة بينهما ونصيحة إلا ألقيت ذنوبها بينهما).

الخلاصة،

كن نقيا تقيا متواضعا فيرضى الله عنك ويفتح لك قلوب عباده ويرزقك محبتهم وقربهم.