احتجاجات واسعة عمت أغلب الولايات والمدن الهندية شارك فيها المسلمون وغير المسلمين احتجاجاً على قانون المواطنة الجديد ” CAB bill” المتحيز ضد المسلمين، إذ ينص على منح الجنسية الهندية لأبناء 6 أقليات دينية هي “الهندوسية والسيخ والبوذية والجينية والزرادشتية والمسيحية” من باكستان وأفغانستان وبنجلاديش، بحجة أنهم يعانون من الاضطهاد في هذه البلاد الثلاثة المسلمة.

 

القانون الجديد (CAB) والذي يعتبر تعديل لقانون المواطنة المعمول به منذ عام 1955م، أقره البرلمان الهندي الأسبوع الماضي، حيث أقره مجلس “راجيا سابها” مجلس الشيوخ وهو – الغرفة العليا في البرلمان – مشروع القانون الأربعاء 10 ديسمبر الجاري، بينما كان قد أقره الثلاثاء مجلس “لوك سابها – مجلس النواب”، رغم رفض القانون من قبل أحزاب المعارضة.

 

قانون المواطنة الجديد ينص على منح الجنسية الهندية لأبناء الأقليات الدينية سابقة الذكر بشرط أن يثبت هؤلاء أنهم من البلدان المسلمة الثلاثة “باكستان، أفغانستان” بنجلاديش” دون غيرها وأنهم يقيمون في الهند قبل 31 ديسمبر 2014م.

 

من جانبه يقول: “محمد أفسر – مدرس وناشط اجتماعي” إن القانون الجديد يأتي في سياق مخطط الحكومة المتحيز ضد المسلمين، وهو مخالف لمبادئ الدستور الهندي الذي ينص على أن العقيدة لا يمكن أن تكون شرطاً للحصول على حق المواطَنة ويحظر التمييز على أساس الدين.

 

ويضيف “أفسر”: إنه إذا كانت الحكومة صادقة في سعيها فلماذا لم تفتح الباب أمام أقلية المسلمين الروهنجيا في ميانمار الذين يعانون من الاضطهاد أمام العالم كله، بل بالعكس فهي سعت لطرد اللاجئين من الروهنجيا الذين فروا إلى الهند هرباً من مذابح الجيش والبوذيين في ميانمار.

 

حماية للمضطهدين

 

تقول الحكومة بقيادة حزب “بهاراتيا جاناتا” إن مشروع القانون سيوفر حماية لأبناء هذه الأقليات الستة الفارين من الاضطهاد الديني في هذه الدول الثلاثة المسلمة وهي باكستان وأفغانستان وبنجلاديش.

 

قصر الاضطهاد على المسلمين

 

يقول ناشطون مسلمون بالهند: إن تجاهل القانون الجديد الأقليات من دول الجوار غير المسلمة يشكك في مساعي الحكومة، فلماذا تقصر نطاق القانون على المهاجرين من الدول المجاورة ذات الأغلبية المسلمة فقط أم أنها تريد إظهار هذه الدول على أنها تضطهد غير المسلمين من مواطنيها؟ وفي الوقت نفسه لا ينطلق من مبدأ المساواة ولا ينظر إلى جميع من يعانون الاضطهاد في دول الجوار على سبيل المثال المسلمين الروهنجيا وعرقيات بوذية أيضاً يعانون من الاضطهاد في ميانمار، والتاميلية الهندوسية والمسيحية في سري لانكا المجاورة.

 

الطلاب لم يغيبوا عن المشهد

 

في “الجامعة الملية الإسلامية” في نيودلهي يقول أحد طلاب البكالوريوس ـ تحفظ على ذكر اسمه ـ خرج عشرات الآلاف من طلاب الجامعة رفضاً للقانون، حتى أنهم قاطعوا الاختبارات التي تجري بالجامعة هذه الأيام، وأحرقوا صور رئيس الوزراء “ناريندا مودي” ووزير الداخلية “أميت شاه” وأقاموا لهما جنازة صورية، ما اضطر إدارة الجامعة إلى قطع خدمة الانترنت وإغلاق الجامعة حتى الخامس من يناير المقبل.

 

ويضيف الطالب: إن الشرطة واجهت احتجاجات الطلاب واعتدت عليهم بالعصي وقنابل، ما تسبب في إصابة عشرات الطلاب، لكن اعتداءات الشرطة لم تثن الطلاب عن استكمال احتجاجهم حتى أنه في اليوم التالي دعمت شخصيات سياسية بارزة وأساتذة جامعيين احتجاجات الطلاب، رفضاً للقانون الذي يقولون إنه يقسم البلاد ومخالف للدستور، مطالبين الحكومة بإلغائه.

 

ما العلاقة بين “CAB ” وسجل المواطنين “NRC” في ولاية آسام؟

 

القانون الجديد المثير للجدل والذي سيتم العمل به في أغلب الولايات، يربط البعض بينه وبين سجل المواطنين ” NRC ” الذي جرى في ولاية آسام، وبموجبه شملت القائمة النهائية للمستبعدين من المواطنة 1.9 مليون شخص (بينهم نحو 400 ألف مسلم) من سكان آسام بحجة أنهم لم يثبتوا بالوثائق أنهم أو عائلاتهم يقيمون في الولاية قبل 24 مارس 1971م، وهو اليوم الذي سبق إعلان قيام دولة بنجلاديش، وبالتالي فهؤلاء المستبعدين تم اعتبارهم مهاجرين غير شرعيين قدموا من بنجلاديش.

 

بالتالي سيوفر القانون الجديد الحماية مباشرة لغير المسلمين المسُتبعدين من سجل المواطنين، ويمنحهم الجنسية مجدداً، بحكم أنهم يقيمون في الهند قبل 31 ديسمبر 2014م، وباعتبارهم قدموا من بنجلاديش، وهي إحدى الدول الثلاث التي يشملها قانون المواطنة، ويُبقي على استبعاد المسلمين الذين شملتهم القائمة النهائية للمستبعدين في آسام، بحكم أن القانون الجديد لا يشمل المسلمين في منح الجنسية، وبالتالي يبقى المسلمون وحدهم ينتظرون مصير إما الترحيل أو نقلهم إلى معسكرات.

 

كما يتخوف كثير من المسلمين من أن يتم مستقبلاً استخدام هذا القانون في نزع الشرعية عن مواطنة المسلمين من الأساس، واستخدام “سجل المواطنين” للعمل به في ولايات أخرى تمهيداً لاستبعاد مسلمين آخرين من أصول هندية وولدوا وعائلاتهم في هذه البلاد، كخطوة بعد خطوة خاصة وأن الحزب الحاكم “بهاراتيا جاناتا” يتبنى سياسة إقصائية واضحة ضد المسلمين.

من محمد سرحان

صحفي، متخصص في شئون الأقليات المسلمة