أنزل الله عز وجل القرآن على نبيه عليه الصلاة والسلام وأمره أن ينْذر به قومَه، وقال عليه الصلاة والسلام في أول بعثته: «إني نذير بين يدي عذاب أليم»
ومن مقتضيات القيام بهذه النذارة.. ألا يكون في الصدر شيء من الحرج منه ولا من أحكامه وتشريعاته.
ورغم أن هذا المعنى ينتقل تلقائيًّا لأتباع رسول الله من المسلمين.. إلا أن النصوص جاءت لنا بشكل خاص؛ مثل قوله تعالى: {ثمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
وعليه..
فنحن مأمورون بأن نبلغ كل ما في هذا الدين (قرءانًا وسنَّةً) من شرائع وأحكام، ثم {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}
و{لستَ عليهم بمسيطر}.
وبسبب حالة الاستضعاف التي نحياها، وتسلط الأنظمة المعادية للإسلام.. خَفَتَ الكلام عن حكم المرتد ووجوب قتله؛ لكن يبدو أن حالة الخفوت هذه قد جرأت عددًا من المجرمين ليقتحموا ساحة أصل الدين -عبثًا- للتلاعب بها ومحاولة تمييعها!!
وطبيعي أن ينتفض لذلك أهل الغيرة لدينهم، أهل الإيمان والمحبة لربهم ورسولهم؛
فيصدعون بما في كتاب الله وسنة رسوله ردًّا على المجرمين المعتدين على أصول الدين وثوابته.
وعندما يفتري المجرمون الكذب على الله بزعمهم أن القرآن أباح للناس حرية دخول الدين والخروج منه، ويذكرون قوله تعالى:
{أفأنت تكْرِه الناسَ حتى يكونوا مؤمنين}
وقوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}؛
نقول لهم: اقرأوا جيدًا ما كتبتم لتعلموا أنه ضدكم ويستَدَل به عليكم.
ولن أخوض مع هؤلاء في نوع التخيير المذكور في الآية، لأني أعلم أن عقولهم لا تستوعب ذلك؛ لكني أقف معهم مع الظاهر الذي يستوعبه أي قارئ للآيات.
فالأولى وصفتهم بأنهم غير مؤمنين، والثانية وصفتهم بالكفر. ونضيف إليها قوله تعالى:
{وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضرٌّ دَعَا رَبَّهُ منِيبًا إِلَيْهِ ثمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ قلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا ۖ إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار}
عشان تضعوها ضمن استدلالاتكم؛ ويبقى القرآن هو اللي أمر الناس إنهم (مش بس يكْفُروا، كمان) يستمتعوا بالكفر، وبالمرة يستمتعوا بعذاب جهنم!!
طيب.. أنتم لا ترغبون في الالتزام بتشريعات القرآن وأحكامه؛ تمام.
وقتها لا يكون خطابُنا موجهًا إليكم أصلًا.
فنحن نخاطب المسلمين المؤمنين الذين يستقون أحكامهم ويضبطون تصرفاتهم وفق كلام الله وسنة نبيه.
وقس على مسألة الردة كل ما هو أدنى منها من القضايا التي تثار بين الحين والآخر.
وصدق الله العظيم القائل:
{وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ۚ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ}.
والله من وراء القصد.
- مصطفى البدري يكتب: غزوة بدر كانت بين فريقين - يونيو 27, 2023
- مصطفى البدري يكتب: الكتاب في حياة طالب العلم - مايو 23, 2023
- مصطفى البدري يكتب: اعتداءات الصهاينة في الأقصى.. قضية عامة أم خاصة؟ - مايو 10, 2023