الأمة| مع حالة الحراك الشعبي المتنامي في العراق، بدأت تتكشف جرائم طائفية كان مسكوتًا عنها، خلال فترة الحرب على داعش، إذ اتضح أن مصير آلاف المختطفين قسريًا من العرب السنة كان مصيرهم الإعدام خارج نطاق القانون في مناطق دخلها الجيش وعناصر الحشد الشعبي لقتال داعش.
خلال أقل من أسبوع أعلن العثور على مقبرة جماعية ثانية في مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار غرب العراق، فيما تقول معلومات إنها ليست الأخيرة.
ويأتي الكشف عن المقبرتين بينما أحي العراق الأسبوع الماضي ذكرى “يوم النصر” على تنظيم “داعش” وتحرير مدينة الموصل مركز محافظة نينوى شمال البلاد من قبضته عام 2017.
https://twitter.com/ge8o_/status/1206263032562831360
في بلدة الصقلاوية شمال مدينة الفلوجة على الطريق العام الواصل إلى العاصمة بغداد، وعلى مقربة من سيطرة الصقور عثر على مقبرة تضم رفات أكثر من 600 شاب، يعتقد أنهم من أبناء الذين الذين تم اختطافهم عام 2016.
وقالت هيئة علماء المسلمين في بيان “تضم المقبرة الجديدة التي أعلن عن اكتشافها اليوم؛ رفاة نحو (643) شابًا من أبناء عشيرة (المَحامْدة) الأنبارية؛ الذين سُجل اختفاؤهم قسراً قبل أكثر من ثلاث سنوات ولم يُعرف مصيرهم منذ ذلك الحين، فيما ذكرت مصادر من دائرة الطب العدلي في المحافظة”.
ووصفت الهيئة حالة المقبرة بالقول أن فيها “جماجما وعظامًا بشرية وبقايا ملابس لمدنيين بينهم أطفال وجدت في هذه المقبرة، حيث كانت آثار الثقوب والأصفاد واضحة على عظام الضحايا ما يوحي بأن المجزرة وقعت في المكان نفسه”.
وكانت هيئة علماء المسلمين قالت في وقت سابق إن محافظة الأنبار بها مقابر أخرى جماعية بينها ثلاث مقابر معروفة على الأقل، فيما نقل موقع (السومرية) من مسئول حكومي تأكيده أن المحافظة بها 15 مقبرة جماعية”.
وقال المسئول الحكومي الذي لم يكشف عن اسمه “مختلف مدن الأنبار ما زالت تحوي على نحو 15 مقبرة جماعية لمغدورين تم اكتشافها من قبل الجهات المعنية لم يتم تنقيبها لغاية هذه الساعة، بانتظار الاجراءات القانونية للقيام فريق التنقيب بالعمل على انتشال جثث المغدورين الذي تم تصفيتهم ابان سيطرة عناصر داعش على مناطق مختلفة من مدن الانبار”.
وقال النائب كريم عفتان الجميلي إن المحاكم المعنية في الفلوجة والأنبار منحت الإذن للجهات المسئولة في الأنبار للكشف عن المقبرة الواقعة الآن تحت سيطرة قيادة عمليات الأنبار، ووجدوا فيها رفات للمدنين بملابس مدنية وقيود بلاستيكية. ونوه إلى أنه “هناك المئات من المغيبين من الفلوجة والصقلاوية والستر ومنذ أكثر من ثلاث سنوات وذويهم يبحثون عنهم في كل مكان واليوم -بعدما- انتشر خبر المقبرة في الفلودة وضواحيها عاد الحزن والألم” من جديد لذوي الضحايا.
النائب كريم عفتان يتحدث عن العثور على مقبرة جماعية في محافظة الأنبار تعود لمغيبين قسرا من أبناء المحافظة#مقابر_المغيبين pic.twitter.com/EMm6oHtwyg
— عمر الجنابي (@omartvsd) December 15, 2019
واتهمت عدة تقارير حقوقية الجيش والحشد الشعبي باختطاف العرب السنة وتغييبهم قسريها، ووثقت إعدامات خارج نطاق القانون.
وعادت قضية المختطفين قسريا للظهور مرة أخرى على السطح، في أغسطس/ آب الماضي بعد ظهور 31 جثة مجهولة الهوية، في محافظة بابل تسلمتها منظمة محلية ودفنت الجثث في مقابر كربلاء، وقال وقتها مسئول بالمنظمة إن عدد الجثث التي وصلتهم حتى الن يبلغ 231 جثة لأشخاص مجهولي الهوية بعد انتهاء المدة القانونية لحفظهم في ثلاجات الموتى، وصدرت إدانات عديدة بسبب تجاهل الحكومة تفسير سبب ظهور الجثث.
نشطاء قالوا وقتها إن أغلبية تلك الجثث تعود لمدنيين من منطقة جرف الصخر التي أخليت من سكانها البالغ عددهم 120 ألف نسمة خلال المعارك مع تنظيم داعش منتصف 2014، ومنذ استعادتها أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2014، ترفض مليشيا حزب الله المسيطرة عليها السماح لسكانها بالعودة إليها.
وفي تدخل نادر للقضاء من أجل معرفة مصير المحتجزين في سجون سرية تديرها المليشيات، أعلن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان في سبتمبر/ أيلول الماضي، أنه تلقى من البرلماني أسامة النجيفي قائمة بأسماء المفقودين والمغيبين، وأنه وجه محاكم التحقيق “بتلقي الشكاوى بخصوصهم واتخاذ جميع الإجراءات القانونية لمعرفة مصيرهم“.
وأضاف “يجب أن ينتقل القضاة وأعضاء الادعاء العام إلى المواقع التي يُدعى أنهم محجوزون فيها للتأكد من مصيرهم بالتنسيق والتعاون مع الجهات الأمنية المختصة“.
بينما يرى مراقبون أن السلطات التنفيذية والقضائية ليس بإمكانها تفقد مراكز الاحتجاز السرية، لما تتمتع به المليشيات من نفوذ واسع.
"گلبي مشتاگ وأريد شوفهم"
#مقابر_المغيبين pic.twitter.com/QZxPISUIO7
— عمر الجنابي (@omartvsd) December 15, 2019
وكان عضو المفوضية العليا لحوق الإنسان الدكتور البياتي أشار في ديسمبر/ كانون الأول 2018 إلى وقوع آلاف حالات الاختفاء القسري في العراق، وقال إن “المفوضية استلمت اكثر من 4800 شكوى ومناشدة بادعاءات حول وجود حالات اختفاء قسري واستطاعت في العديد من الحالات العثور على اماكن احتجازهم ومصيرهم”.
وبحسب تقرير لمركز بغداد لحقوق الإنسان صدر في يناير/ كانون الثاني الماضي، هناك نحو 6000 مختطف قسريًا من محافظتي الأنبار وصلاح الدين، يقبعون في سجون سرية تابعة لمليشيات في منطقة جرف الصخر شمال بمحافظة بابل، منذ نحو أربع سنوات، يعانون من التعذيب ويساوم البعض ذويهم على دفع مبالغ مالية للإفراج عنهم، مطالبًا بتدخل أممي عاجل.
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية قالت في تقرير صدر في سبتمبر/ أيلول 2018، إن هناك عشرات المختفين قسريًا منذ عام 2014 علي يد قوات الجيش والحشد الشعبي في العراق، أغلبهم من العرب السنة، في إطار عمليات “مكافحة الإرهاب” وقالت إنه على الحكومة الجديدة في بغداد مكافحة جرائم الاختفاء القسري. التي تزايدت مع شن القوات العراقية في 2014 عملياتها ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش).
- تكتكم حكومي عراقي على ظهور مقبرة جماعية في الفلوجة
- تقرير: الجيش والحشد الشعبي في العراق مسئولان عن حالات اختفاء قسري