فرنسا تلفظ أنفاسها الأخيرة في أفريقيا

تقرير يكتبه: سمير زعقوق

فرنسا تلفظ أنفاسها الأخيرة في أفريقيا، فوجودها في الجزائر تراجع إلى حد كبير، نحو قرنين من الزمان (1830-1962)، بالإضافة لقيام عملاء فرنسا يحكمون الجزائر على مدار مرحلة الاستقلال، وبعد حراك فبراير أضحى عملاء فرنسا قاب قوسين أو أدنى بالزوال من الجزائر، خصوصًا بعد ظهور الصين وروسيا، اللتين تتواجدان في الجزائر من خلال الاقتصاد والتعاون العسكري الذي بدأت تباشيره تظهر من خلال المناورات البحرية المشتركة مع روسيا والصين التي بدأت من 23-11 حتى 23-12، وبرأيي السقوط الفرنسي سيتوالى في باقي دول أفريقيا التي كانت مستعمرات لها، ولا تزال تسيطر عليها حتى الآن وهي: بنين (1895 – 1960). وبوركينا فاسو (1898 – 1960). وغينيا (1893 – 1958). وساحل العاج (1895 – 1960). ومالي (1857 – 1960). والنيجر (1897 – 1960). والسنغال (1626 – 1758، 1779 – 1809، 1817 – 1960). وتوغو (1919 – 1960).

 

وتتواجد فرنسا بشكل دائم في الدول التي كانت تستعمرها حيث تستخدم جهازًا يسمى “الوكالة الفرنسية للتنمية” مهمتها مرافقة الدول الإفريقية بهدف تنميتها، ولتحقيق ما سبق خصصت الوكالة للقارة ما يقارب 60% من إمكانياتها، ومن بين الأسباب التي جعلت دول صحراء أفريقيا تتمتع بالأفضلية حسب رئيس مجلس إدارة الوكالة “بيير أندري وليتزر” هو تأخرها سواء على مستوى النمو الاقتصادي أو مستوى معيشة السكان.

 

إضافة لذلك، تُعتبر فرنسا المستورد الأول للمواد الخام من غالبية دول غرب أفريقيا بشكل عام ودولة مالي على الأخص، كما تعد المُصدِّر الأول للسلع المصنعة لبعض هذه الدول، والجدير بالذكر أن بعض الإحصاءات ومنها موقع وزارة الشئون الخارجية الفرنسية يشير إلى أن دولة مالي هي المستورد رقم 87 من فرنسا والمصدر رقم 165 لفرنسا ومعظم صادراتها من الذهب والقطن وتبلغ 10 ملايين يورو سنويًا.

 

فرنسا تدق طبول الحرب

 

كانت فرنسا دقت طبول الحرب في الساحل الأفريقي عام 2013، بعدما أعلنت جماعات عديدة على رأسها الحركة الوطنية لتحرير أزواد وجماعات إسلامية مسلحة سيطرتها على إقليم أزواد وإعلانه دولة مستقلة.

 

جاء القلق من الجانب المالي من تقدم تلك الجماعات نحو العاصمة باماكو حيث طلبت الحكومة المالية التدخل العسكري الفرنسي لإيقاف زحف تلك الحركات.

 

وفي يناير 2013 نشرت فرنسا بعض قواتها ضمن ما أطلقت عليه اسم “عملية سيرفال أو القط المتوحش” وهكذا شنت الطائرات الفرنسية ميراج ورافال المقاتلة ضربات جوية طالت مناطق واسعة التي يتواجد فيها الجماعات المسلحة، يمتد من غاو ويمر بكيدال في شمال شرق مالي بالقرب من الحدود مع الجزائر، ويصل إلى بلدة ليرا في الغرب بالقرب من الحدود مع موريتانيا، وفي غضون أقل من شهر منذ بدأ التدخل تمكنت القوات الفرنسية من السيطرة على مناطق إقليم أزواد الثلاث ولا يزال التدخل العسكري الفرنسي مستمرا في أزواد.

 

كان توغل الحركات المسلحة في مالي وهدف إبقاء النظام في المنطقة هو السبب المعلن للتدخل الفرنسي غير أن هناك أسبابًا اقتصادية وسياسية دفعت فرنسا إلى بدأ عملية عسكرية سريعة في المنطقة.

 

38 قتيلًا فرنسيا 

 

وأمس أعلنت السلطات الفرنسية مقتل 13 جنديًا أثناء عملياتهم ضد الجماعات الإسلامية المسلحة في مالي إثر تصادم طائرتي هليكوبتر، ووقع الحادث في إطار العملية التي يشارك فيها 4500 عسكري في منطقة الساحل، وقد اصطدمت مروحية “تيجر” بمروحية “كوجار” هجومية وفقًا لما نقله موقع فرانس 24.

 

وترفع تلك الحادثة عدد القتلى من الجانب الفرنسي في منطقة الساحل منذ التدخل العسكري في مالي عام 2013 إلى 38 قتيلًا.

 

فرنسا تستدعي أوربا.. ولا مجيب

 

ولذا أضحت فرنسا تشعر بعدم القدرة في مواصلة تواجدها وحيدة في هذه الدول ولذا تسعى فرنسا لإقناع شركائها الأوروبيين بإرسال قوات خاصة إلى منطقة الساحل من أجل تدريب قوات الجيوش الوطنية وخصوصًا القوات المالية التي واجهت في الأيام الأخيرة هجومًا أسفر عن سقوط 25 قتيلًا في صفوفها.

 

كانت وزيرة الجيوش الفرنسية “فلورانس بارلي” أول من تحدث عن هذه الفرضية في بداية يونيو الماضي، حيث دعت إلى إرسال قوات خاصة أوروبية إلى منطقة الساحل لدعم جهود أربعة آلاف عسكري فرنسي في قوة برخان، بينهم مئات من أفراد القوات الخاصة.

 

وقالت بارلي “يجب مواكبة القوات المسلحة في الساحل بعد تأهيلها، إذا لم يفعل الأوروبيون المعنيون مباشرة بالأمر ذلك فمن سيقوم به؟”.

 

وحتى الآن، لم تتعهد سوى إستونيا التي تشارك بخمسين جنديًا في قوة برخان، في نهاية سبتمبر، بإرسال قوات خاصة إلى مالي.