الأمة| قال تقرير حقوقي إن أكثر من 28 ألف أنثى قتلن في سوريا منذ عام 2011، قرابة 84 بالمئة منهن على يد النظام قوات السوري وحلفائه.
وصدر التقرير عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضدَّ المرأة.
وذكر التقرير أن النساء والفتيات السوريات لم يقعنَ ضحايا للنزاع بشكل عارض، بل كنَّ مستهدفات بشكل مباشر من قبل جميع أطراف النزاع وفي مقدمتهم النظام السوري، الذي يتصدَّر حصيلة مرتكبي الانتهاكات بفارق شاسع مقارنة ببقية الأطراف.
حيث تم استهدافه الإناث إما بسبب مساهمتهن الفعالة في العمل الاجتماعي والإنساني، والسياسي، والحقوقي، والإغاثي، والطبي، والإعلامي، أو لمجرد كونهنَّ إناثاً؛ بهدف تهميشهن وكسرهن ولقمع المجتمع وترهيبه من عواقب مناهضته للسلطات؛ لما تحتله المرأة من مكانة في المجتمع السوري مرتبطة بأعراف ومعتقدات.
ووفق التقرير تعرَّضت المرأة لمختلف أنماط الانتهاكات من القتل خارج نطاق القانون والاعتقال التعسفي والتعذيب والإعدام، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي، والتشريد القسري، والحصار، والحرمان من الرعاية الصحية والخدمات الأساسية، ووصلت العديد من هذه الانتهاكات وخاصة القتل والتعذيب والإخفاء القسري إلى معدلات هي الأسوأ في العالم بحسب التقرير.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: “تستحق المرأة السورية بعد تعرُّضها لهذا الكم الرهيب من فقدان حقوقها كافة أشكال الدعم والمناصرة من جميع المنظمات النسوية حول العالم ومن المنظمات الحقوقية، بعد أن فشلت دول العالم في تحقيق التزاماتها بحماية المرأة في سوريا وفرض احترام اتفاقيات جنيف على النظام السوري، الذي هو طرف فيها. المجتمع السوري لن يستقر بدون محاسبة مرتكبي الجرائم بحق المرأة السورية واستعادتها حقوقها كافة”.
تضمَّن التقرير حصيلة الانتهاكات التي ارتكبتها الأطراف الفاعلة الرئيسة في سوريا بحق الإناث منذ مارس/ آذار 2011 حتى 25 نوفمبر/ تشرين الثاني/ 2019، واستند التقرير على روايات ناجين واستعرض 11 رواية لناجين من أنماط عدة من الانتهاكات أو ذوي ضحايا أو شهود على الحوادث.
وثَّق التقرير مقتل 28076 أنثى على يد الجهات الفاعلة الرئيسة في المدة التي يُغطيها، قتلت قوات النظام السوري منهن 21856 أنثى في حين قتلت القوات الروسية 1479 أنثى، أما قوات التحالف الدولي فقد قتلت 959، وقتلت فصائل في المعارضة المسلحة 1307.
وطبقاً للتقرير فقد قتلت 1059 أنثى على يد التنظيمات الإسلامية المتشددة، بينهن 980 أنثى على يد تنظيم داعش، و79 على يد هيئة تحرير الشام، في حين قتلت قوات سوريا الديمقراطية 245 أنثى. وقتلت 1171 على يد جهات أخرى.
وبحسب التقرير فإنَّ ما لا يقل عن 10363 أنثى لا تزلنَ قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد الأطراف الرئيسة الفاعلة في سوريا منذ آذار/ 2011 حتى 25/ تشرين الثاني/ 2019، بينهن 8412 لا تزلنَ قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد قوات النظام السوري، و919 لا تزلنَ قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد فصائل في المعارضة المسلحة، و489 على يد التنظيمات الإسلامية المتشددة، بينهن 426 على يد تنظيم داعش، و63 على يد هيئة تحرير الشام، في حين لا تزال 543 أنثى قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد قوات سوريا الديمقراطية.
وأورد التقرير حصيلة الضحايا من الإناث الذين قتلنَ بسبب التعذيب، التي بلغت 90 سيدة (أنثى بالغة)، قتل 72 منهن على يد قوات النظام السوري، و14 على يد تنظيم داعش، و2 على يد قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية، و1 على يد كل من فصائل في المعارضة المسلحة وجهات أخرى.
وأشار التقرير إلى أنَّ المرأة تستفيد من الحماية العامة والحماية الخاصة المنصوص عليهما في اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكولين الإضافيين باعتبارها شخص مدني لا يُشارك في الأعمال العدائية، وتتمتَّع بكل الحقوق المنصوص عليها بما فيها الحق في الحياة والحق في السلامة الجسمانية والنفسية، منوهاً إلى أن عمليات القتل الممنهج التي مارستها قوات النظام السوري على نحو واسع في المحافظات السورية كافة، تُشكِّل جرائم ضدَّ الإنسانية، كما تُعتبر عمليات القصف العشوائي عديم التميِّيز جرائم حرب يومية لا تزالُ مستمرة.
أكَّد التقرير أن قوات النظام السوري مارست العنف الجنسي كسلاح فعال لردع المجتمع، وباتَ ظاهرة لها عواقب وخيمة على الضحايا وخاصة النساء والفتيات وعلى أُسَرهن ومُجتمعاتهن، ولم تتجرَّأ الضحية على الإعلان عنها في أغلب الأحيان خشية الانتقام منها أو الخجل والخوف من نظرة المجتمع إليها.
ونوَّه التقرير إلى موافقة الدول بالإجماع في قمة عام 2005 على مسؤولية كل دولة عن حماية سكانها من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وأشار إلى أن هذه المسؤولية تستلزم منع هذه الجرائم، ومنع التحريض على ارتكابها بكافة الوسائل الممكنة، وعندما تخفق الدولة بشكل واضح في حماية سكانها من الجرائم الفظيعة، أو تقوم هي بارتكاب هذه الجرائم كما في حالة النظام السوري، فإن من مسؤولية المجتمع الدولي التدخل باتخاذ إجراءات حماية بطريقة جماعية وحاسمة وفي الوقت المناسب.
ذكر التقرير أنَّ قوات سوريا الديمقراطية ارتكبت عبر عمليات القصف العشوائي والقتل أفعالاً تُشكِّل جرائم حرب، وكل تلك الجرائم تنتهك القانون الدولي الإنساني على نحو صارخ، كما أنها قامت بعمليات اعتقال عشوائي وإخفاء قسري وتجنيد إجباري.
ووفق التقرير فقد ارتكبَ تنظيم داعش وهيئة تحرير الشام، جريمة القتل حيث تُعتبر عمليات القصف العشوائي عديم التمييز جرائم حرب وانتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، وقد مارس تنظيم داعش عملية استرقاق وتعذيب النساء على نحو واسع النطاق؛ ما يشكل جريمة ضدَّ الإنسانية كما تُشكِّلُ هذه الممارسات خرقاً للمادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف، وتُعتبر جرائم حرب، وأضاف التقرير أن إجبار المرأة على ارتداء ملابس معينة والتحكم بحريتها في التنقل والتعبير يشكل انتهاكات لعدد واسع من الحقوق الأساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان.كما ارتكبَت فصائل في المعارضة المسلحة انتهاكات عدة بحق المرأة السورية بعض منها على خلفية النزاع المسلح، وتشكل خرقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، والبعض في المناطق الخاضعة لسيطرتها؛ ما شكل انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
طالب التقرير النظام السوري برفع تحفظاته عن اتفاقية سيداو، والتَّوقف الفوري عن عمليات القتل المتعمَّد والتَّعذيب والاعتقال التي يُنفذها بحق المرأة السورية كما طالب الحلف السوري الروسي والميليشيات الإيرانية، بالتَّوقف عن تعمُّد قصف الأحياء السكنية المدنية والمناطق المأهولة بالسكان، التي ينتج عن استهدافها ضحايا معظمهم من النساء والأطفال. والكشف عن مصير المختفيات قسرياً في مراكز احتجازه والتحقيق في عمليات تعذيب ووفاة المعتقلات، وإيقاف المحاكمات غير العادلة والتعسفية وإلغاء الأحكام الصادرة عنها.
وأوصى التقرير قوات التحالف الدولي بالتحقيق في الحوادث التي وقع فيها ضحايا من الإناث بشكل خاص، وطالبها بالضغط على حلفائها من قوات سوريا الديمقراطية لإيقاف عمليات تجنيد الطفلات والتَّوقف عن عمليات الخطف والاعتقال.
كما حث التَّقرير الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي على رفع وتيرة العقوبات الاقتصادية على داعمي النظام السوري الرئيسين، إيران وروسيا، وتقديم كل مساعدة ممكنة لمنظمات المجتمع المدني الفاعلة في إعادة تأهيل الضحايا، ودمجهنَّ في المجتمع مرة أخرى.
وأكَّد التقرير على مسؤولية مجلس الأمن الدولي في حماية المرأة في سوريا من النظام السوري الذي يرتكب أكبر أنواع الانتهاكات بحق المرأة السورية والضغط عليه للسماح بزيارة مراقبين دوليين بمن فيهم لجنة التحقيق الدولية المستقلة لمراكز احتجاز النساء، دونَ قيد أو شرط.
وأخيراً أوصى التقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية بإصدار تقرير خاص عن الانتهاكات التي تتعرَّض لها المرأة السورية على نحو خاص.