- ممدوح المنشاوي يكتب: حتى لا تختلط الأوراق - يونيو 11, 2021
- ممدوح المنشاوي يكتب: على خُطَى المعتزلة والفرقِ الضالَّة!!! - مايو 19, 2021
- ممدوح المنشاوي يكتب: صفحات مطويات من تاريخنا المجيدأ! - مايو 8, 2021
تبدأ قصتنا عام486 من الهجرة.. حين قدم إلي مدينة القدس لأجل الحج والزيارة.. راهب فرنسي يُدعي (بطرس الناسك).. أهاج حقده الصليبي أن بيت المقدس بأيدي المسلمين.. فعاد إلي فرنسا.. ثم ذهب إلي لقاء البابا (أوربان الثاني) وناشده أن يستخلص بيت المقدس من الأسر بزعمه..
فبدأ البابا رحلة تهيئة الأجواء وتهييج الأحقاد الصليبية في أوربا ضد الإسلام والمسلمين.. حتى إذا ما استوي المخطط علي سوقه.. عقد مجمعا كنسيا في كليرمونت بفرنسا عام 489 من الهجرة.. وفي ذلكم المجمع.. تم استعراض صورة العالم الإسلامي!!
وكانت صورة مزرية قاتمة السواد.. لا تختلف كثيرا عن صورته التي يعيشها جيلنا (وحتى أكون منصفا.. فلقد كانت جذوة الإسلام برغم خفوتها.. لا تزال مستعرة في قلوب البعض .. ولم تتمكن الهزيمة النفسية من نفوس السواد الأعظم من الأمة.. ولم ينظر المسلمون يوما إلي أعداء أمتهم بانبهار وإكبار كما هو حال أجيال المسلمين المعاصرة.. إلا من رحم الله).
كانت الصورة وقتها علي هذا النحو:
الخلافة العباسية.. لافتة بلا عنوان حيث لم تعد مظلة جامعة لكل العالم الإسلامي الذي أصبح ممزق الأشلاء والأجزاء.. دويلات متناثرة متناحرة هنا وهناك.. المرابطون يحكمون المغرب والأندلس.. آل زيري يحكمون أفريقيا.. النجاحيون يحكمون منطقة زبيد باليمن.
السلاجقة يسيطرون علي بغداد ويحكمون مناطق واسعة من آسيا وتقوم بينهم الحروب لأجل اقتسام الإمارات ومناطق النفوذ والسيطرة.. الإسماعيلية الباطنية الشيعة والملقبون بالـ(حشاشين) يتخذون من معاقلهم في جبال لبنان مراكز يغيرون منها علي المصلحين من قادة الأمة.. حتى لقد قتلوا الوزير الصالح (نظام الملك) والأمير الصالح (شرف الدولة مودود) وعددا من قادة المسلمين الذين واجهوا الصليبيين (بعد ذلك).. بل لقد حاولوا قتل صلاح الدين الأيوبي لولا أن نجاه الله عز وجل حيث كان يلبس دروعا واقية (تحت ثيابه) فلم تعمل سيوفهم فيها..
وأما في مصر واليمن وبيت المقدس فلقد كانت السيطرة للفاطميين العبيديين الشيعة الخبثاء (أحفاد اليهودي عبيد الله بن ميمون القداح).. وكان الفاطميون علي صلة وثيقة بالصليبيين وكانوا يحثونهم علي احتلال بلاد المسلمين نكاية في الدولة السلجوقية (السنية)! بل لقد مهد الفاطميون للصليبيين طريق احتلال الشام.. ووفروا لهم المؤن والتموين والغذاء كما سنري لاحقا.
صورة كما نري مشجعة علي تنفيذ مخطط (برنارد لويس.. أقصد أوربان الثاني؟!).. كانت الصورة مشجعة.. لا علي احتلال بيت المقدس فحسب.. بل علي إقامة إمارات وممالك صليبية في قلب العالم الإسلامي!. وأُعلنت الحرب المقدسة باسم المسيح (عليه السلام) ضد الإسلام والمسلمين.. وبدأ تجهيز الحملة العسكرية الأولي.. والتي كانت بقيادة بطرس الناسك نفسه.. وكانت حملة (جس للنبض) وقد أُطلق عليها (حملة العامة والرعاع)!! حيث كانت قليلة العدد إذ تحوي فقط (25 ألف مقاتل) عامتهم من الفلاحين والعبيد والهواة غير المدربين علي فنون القتال.. إضافة إلي ( الهمج والرعاع ) وقد خرجوا جميعا يرجون (الملكوت.. الجنة.. الشهادة!) هكذا أوهمهم رجال دينهم.. أليست حربا مقدسة باسم المسيح!.
سارت هذه الحملة في نفس العام 489 من الهجرة.. وطرقت أرض السلطان السلجوقي قليج أرسلان وفي خلال ساعة واحدة كان قد قتل من الصليبيين اثنان وعشرون ألفا.. وفر ثلاثة آلاف.. وكان من بين الفارين.. القائد الراهب.. بطرس الناسك.. وفي نفس الوقت.. كان الصليبيون يجهزون حملة ثانية.. عرفت بحملة الأمراء والنبلاء.. كانت هذه الحملة تنتظم ثلاثة جيوش وتتألف من ثلاثمائة ألف مقاتل! مدربين علي فنون الحرب والقتال.. ومسلحين بأعتي أنواع السلاح! سارت هذه الحملة في العام التالي 490 من الهجرة.. فتلقاها السلاجقة في مدينة قونية بالبأس والقوة.. وأسقطوا عشرات الآلاف قتلي من الصليبيين.. ولكن وكما يقولون: الكثرة تغلب الشجاعة.. سقطت قونية بعد صمود المسلمين أمام جحافل الصليبيين خمسين يوما! خمسين يوما.. وكانت بداية المآسي المروعة.
يُتبع