كرة القدم لعبة شعبية في المقام الأول.. وإعلان بعض الصفوة من أي قطاع علمي أو اقتصادي أو سياسي أو فني انتمائهم ليس له أي دلالة سوى مساعي هذه الصفوة الاستفادة من شعبية النادي الذي تعلن الانتماء له، وليس العكس.
البطولات تصنع تاريخ النادي
بمعنى أن النادي يتبعه جمهوره بحسب بطولاته لا صفوة مشجعيه، فالبطولات لا شك هي التي تصنع تاريخ النادي وتحفظ زيادة شعبيته، ومن ثم مضاعفة قيمته التسويقية.
ولم نسمع أن ناديًا شجعه عامة الشعب لأنه نادي الملك أو الرئيس أو الأديب أو المفكر أو الفنان فلان الفلاني.
فالشعب يأتي أولًا في هذه اللعبة، ولعل هذا هو السر في هوس العالم بها إلى هذا الحد،
وديمومة تسيدها كل اللعبات من حيث الشهرة والصيت منذ شكلها الانجليز عام ١٠١٦م.
الملك في إسبانيا قد يكون مدريديًا؛ لكن سيظل برشلونة هو نادي التحدي للتاج الأسباني.. وكل فوز للبارسا على النادي الملكي هو بمثابة إعلان انتصار للكتالونيين، وتجديد أملهم في نيل الاستقلال الذي ينشدوه.
مباراة كرة القدم بين الأرجنتين وإنجلترا في الدور قبل النهائي لكأس العالم عام ١٩٨٦،
لم تكن مجرد مباراة بين غاري لينكر ومارادونا في ذلك الوقت،
وإنما كانت بمثابة معركة أخرى بين رجال إنجلترا المنتصرين عسكريًا عام ١٩٨٢ على الأرجنتين في حرب الفوكلاند الشهيرة، وبين رجالات الأرجنتين؛
ولكن هذه المرة على ميدان أخضر وبسلاح واحد، سيفرق في هذه المعركة فقط مهارة الرجال وليست القوة التكنولوجية أو السياسية أو المادية هذه المرة.
وربما هذه مزية أخرى خاصة بكرة القدم، فهي تقدم ضمانة على العدالة بين المتنافسين، والجميع فوق النجيل الأخضر متساوون.
هذه المقدمة أهديها لإبراهيم عيسى.. هذا الذي لاحظ الجميع حاله أيام مبارك وحاله بعده.
عيسى الذي يعرف النخبويون لماذا تفتح له قنوات بعينها في أوقات محددة، ومن بينها قنوات أسستها المخابرات الأمريكية خارجيًا أو أخرى أصحابها لهم علاقة بالاستخبارات الأمريكية داخليًا؟
عيسى الذي لم ينطق كلمة عسكر بعد توعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي له بأنه لن يسمح له بقول هذه الكلمة مرة أخرى في حوار ترشحه للرئاسة الشهير مع لميس الحديدي،
فلم ينبس بها حتى في منامه، يريد البعض اليوم أن يصوره بطلًا استثنائيًا ومفكرًا نابغة؛ بالرغم أن رصيده لا يختلف كثيرًا عن رصيد خالد منتصر وإسلام بحيري.
مشجعو عيسى بديهي أن يكونوا هم مشجعو شيكا ومشجعو مرتضى.
فأمام لعب هؤلاء على أوتار هوى العوام بحديثهم إيجابيا عن ناديهم، وبصورة تشين وتقلل وتشكك في إنجازات النادي المنافس،
سينسى العامة أن عيسى هو الذي باع مبادئه السياسية، وطعن في البخاري ومسلم بدعوى التجديد،
وبات أقرب لرافضة إيران في أفكاره ومعتقداته منه إلى أهل السنة في مصر.
سينسى العوام من مشجعي هذا النادي أن شيكا هو من رفع حذاءه الأحمر في وجوههم يومًا،
وهو من غرم النادي مئات الآلاف من الدولارات بنقضه لتعهداته، وهـو من سب الخلوق حسن شحاته،
وهـو أحد مخربي غرفة الملابس بنادي الزمالك والتي أضاعت على هذا النادي الكبير بطولات وبطولات، إضافة لغيرها من الآثام.
سينسى العوام جرائم مرتضى في حق هذا الشعب الذي كان يستيقظ كل يوم على سبه لفلان أو طعنه في عرض علان أو سجنه لترتان.
سينسى العامة يوم استاد الدفاع الجوي، وهذا القفص الحديدي وتلك الأدخنة التي أودت بحياة ٢٢ شابًا مصريًا كانت كل جريرتهم أنهم شجعوا هذا النادي في عهد هذا الرجل.
وهنا سيكون من العبث أن تسأل هؤلاء عن المقاييس أو القيم أو المرجعية الأخلاقية لهم لأنها غائبة من دون شك أو مغيبة.
ضد كل مسيء سيء الخلق
لكن مع ذلك هذا لا يمنعنا أن نذكر وأن ندعوهم للاستفاقة علهم يهتدوا.
إننا عشاق كرة القدم، وشخصيًا أعشق النادي الأهلي؛ لكن إن ظهر في الأهلي إبراهيم عيسى أو شيكا أو مرتضى، سأنتقدهم وأنبذهم، لا شك في هذا.
لا يوجد عاقل يعتقد أن تشكيك بعض أو حتى كل جماهير الزمالك في مكتسبات الأهلي القيمية والبطولية ستجعل جماهيره ينفضوا عنه،
كما إنه من الجنون ظني أن أي من جماهير الزمالك سينفض عن تشجيعه لمجرد أن من بين رموز الزمالك عيسى وشيكا ومرتضى.
إن ما أدعو إليه فقط هو الحفاظ على منظومة القيم الأخلاقية وجعلها قبل وفوق أي شخص وكيان.
لا يجب أن ننتصر لمجرم لمجرد أنه حقق نجاحات وافقت هوى عندنا، أو مصلحة، أو نكلت بخصومنا.
يستحيل على مثلي فهم تقبل البعض لرجل كإبراهيم عيسى الذي علم الجميع نرجسيته حتى أنه وضع نفسه في منزلة رجال كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي،
وأهانهم في غير موضع، وهو الذي كان يتلو آية من القرآن بأسلوب ساخر، ومن ينسى له كيف كان يقول آية “هلك عني سلطانية”؟!
يستحيل فهم مثلي تقبل هؤلاء لعيسى لمجرد أنه يشجع نفس النادي الذي يشجعونه؛ بل ويستطيلون به ويفاخرون!
يستحيل على فهم مثلي أي حب يمكن أن يكون للاعب فاشل علميًا، منحط أخلاقيًا، لمجرد أنه ماهر كرويًا.
لاعب طوال فترة ممارسته لكرة القدم عبر أكثر من ٢٠ عامًا لم يعرف عنه حتى اليوم أنه مصليًا أو كريمًا،
كل مواقفه منبعها حمية مصطنعة تخدع العوام لكن لا تخدع من كان عندهم أدنى درجة من وعي بالأخلاق والمبادئ والقيم.
يستحيل على مثلي فهم أو تفهم كيف يحب الناس رجلًا كمرتضى بكل أذاه لخلق الله لمجرد أنه محام بارع أو حتى إداري حقق بعض الإنجازات.
في الختام.. نادي الزمالك كيان كبير
ولخطورة أن تشيع بين الملايين من جمهور الزمالك، مشاعر العصبية إلى حد يغيبون فيها منظومة خلقهم وإنسانيتهم،
والتي يجب أن تسبق انتماءاتهم، فكان حق عليّ أن أذكر.
فهذه الملايين الرائعة يجب أن يفرقوا بين الكيان والأشخاص..
فالأهلي على سبيل المثال ليس معنى أنه نادي القيم والمبادئ، أن الأندية الأخرى ومشجعوها لا قيم عندهم ولا مبادئ، فهذا هراء.
وليس معنى هذا أنه كيان ملائكي بلا أخطاء أو تجاوزات.. لكن جمع القراء الأفاضل،
لو تأسست أسرة لعمر زاد عن ١١٤ عامًا، فمن الوارد أن يكون من بينها ابن عاق، أو قائد منحرف؛
لكن هذا لا يعني الإجهاز على مكتسبات هذه الأسرة بالكامل، ووسمها بكل ما هو منحرف وشاذ.
مرة أخيرة..
فرقوا بين الكيان والأشخاص.. ولا تعلوا من قيمة أحد خرج عن قواعد وموازين منظومة القيم والأخلاق المجتمعية؛
لأننا كأفراد ومجتمعات ننجوا بأخلاقنا في النهاية.. قال صلوات ربي وتسليماته عليه:
«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».