الأخبار

أشرف عبد المنعم يكتب: من هو الذبـيح؟

By أشرف عبدالمنعم

February 17, 2019

خرج علينا الشيخ صالح المغامسي إمام مسجد قُباء بالسعودية بتصريح عجيب غريب, لا يأتي ألا من يهودي متعصب أو نصراني حاقد, ولا يأتي حتى من انسان جاهل باللغة العربية أو عنده مسحة من عقل!

 

قال المغامسي إن الذبيح هو سيدنا إسحق عليه السلام, والغريب إنه دَلَّسَ بكل جراءة وهو يذكر الآيات البينات التي توضح أن الذبيح هو سيدنا إسماعيل عليه السلام.

 

يقول تعالى (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ * وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ * وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ) سورة الصافات/100-113 . ولتبسيط المسألة أضعها في نقاط.

 

1- فمن الواضح أن البُشرى بإسحق جاءت بعد الحدث الجلل والبلاء المبين, وهذا واضح جَلي لكل ذي عينين, فالبشرى على شئ مستقبلي, ومن حدث معه البلاء كان شخصا آخر غير اسحق, ويتفق المسلمون واليهود والنصارى وربما الملحدون أن الإبن البكري لسيدنا إبراهيم هو سيدنا إسماعيل! فتأمل.

 

2- في قوله تعالى “وبشرناه بإسحق نبيا من الصالحين” إشارة مهمة جدا ينبغي التوقف عندها وهي أن إسحق سيكون “نبيا” ومن المعلوم أن النبي سيتلقى وحيا من الله وسيدعو قومه, فلا يستقيم هذا مع الأمر بالذبح لغلام صغير وإلا لكانت البشرى كاذبة وعبث! والله تعالى منزه عن العبث سبحانه! فتأمل.

 

3- البشرى بإسماعيل جاءت ” بغلام حليم” لأن صفة الحلم هنا تتسق مع البلاء المبين, والبشرى بإسحق جاءت ” بغلام عليم” أي كثير العلم! وهذا لا يتسق مع قتل الغلام لأن هذا يجعل البشرى عبثية وكاذبة أيضا! فتأمل.

 

4- في سورة هود يقول تعالى عن بشارة إسحق “فَلَمَّا رَأَىٰ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۚ قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ (70) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71)”

 

أي إن البشارة بإسحق تضمنت البشارة بذرية له بل بإسم إبنه في المستقبل سيدنا يعقوب! وهذا يجعل الإعتقاد بأن الذبيح هو إسحق ضربا من الجنون والخبل! لأن سيدنا إبراهيم وزوجه السيدة سارة كانا يعلمان أن إبنهما إسحق سيعيش ويكبر ويتزوج ويولد له إبنا وسيكون إسمه يعقوب! فكيف لعاقل أن يقول أن الذبيح هو إسحق؟! ولو إفترضنا أن الأمر كان لإسحق, لجادل فيه إبراهيم ؟ كيف أذبح إبني اسحق وقد تم الوعد من الله بأنه سيكون نبيا وسيكون له ولد اسمه يعقوب وكذلك بأنه سيكون عليما أي كثير العلم وهو الآن طفل صغير؟!! فتأمل.

 

5- فلو لم يفهم المغامسي هذا الكلام, أو ربما إعترض اليهود والنصارى عليه بقولهم نحن لا نؤمن بالقرآن! أقول لهم إقرأوا في سفر التكوين الإصحاح 17 عدد 19 “فَقَالَ ٱللهُ: «بَلْ سَارَةُ ٱمْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ٱبْنًا وَتَدْعُو ٱسْمَهُ إِسْحَاقَ. وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْدًا أَبَدِيًّا لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ.”! فهنا وعد من الله سبحانه بأن إسحق سيكون له ذرية!! فلا يمكن أن يكون الذبيح هو اسحق! وإلا فكيف يكون له ذرية؟ وسيكون الأمر بالذبح تهريج وعبث أيضا!

 

6- إذن القرآن الكريم والعهد القديم الذي يؤمن به اليهود والنصارى متفقان أن البشرى بإسحق تضمنت أنه سيكون له ذرية! فالأمر بالذبح لإسحق سيكون أمرا عبثيا, لأن إبراهيم وسارة وكل من يقرأ هذا الكلام سواء من القرآن الكريم أو من العهد القديم, سيعرف إن اسحق سيعيش ويكبر ويتزوج وينجب فضلا عن إنه سيكون نبيا كريما يدعو الناس لعبادة الله تعالى الحكيم الذي لا يخلف الميعاد! فتأمل!

 

وعليه فإن الذبيح هو سيدنا إسماعيل عليه السلام, ولكن ما الغرض الخبيث الذي وراء تدليس المغامسي؟ لهذا حديث أو أحاديث أخرى بإذن الله.

 

والحمد لله على كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.وصلى الله وسلم على إمام الأنبياء وسيد المرسلين سيدنا محمد بن عبد الله.

ودمتم.