الأخبار

أعوان الظلمة

By د. صلاح الصاوي

August 28, 2019

نحن في الأمن المركزي نكون مع الأمن الوطني في المأموريات للقبض على بعض الناس وأنا كعامل بالأمن المركزي لا يتاح لي الاطلاع على صحة دعوى الأمن الوطني من عدمه فلا أعلم هل فلان هذا إرهابي فعلا أم لا فهل عملي هذا حرام.

 

وفي العموم الأمن المركزي هو جهاز تنفيذي أي أن الأمن الوطني هو مصدر المعلومات وأنا لا يتاح لي أن اطلع على أوراق قضايا المطلوبين، فهل لو كانت معلومات الأمن الوطني غير صحيحة؛ بأن فلان مدان أو إرهابي، وكانت الحقيقة على عكس ذلك، وأنا لا أعلم، فهل مجرد مشاركتي في المأمورية فيه إثم؟ علما أنني أثناء المأمورية حريص على عدم إيذاء المطلوبين ما داموا سلميين فلا أسب أحدا ولا اضرب أحدا أنا فقط موجود لتأمين المأمورية

فهل عملي هذا حرام؟

 

هذا السؤال وردني من أحد جنود الأمن المركزي، وللإجابة عنه نقول:

– بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فما فات فيه اليقين فإنه يعمل فيه بغلبة الظن، فمن عاش في واقع كثرت فيه المظالم، وعمت البلوى فيه بالاستطالات الأمنية، وتلفيق التهم للأبرياء، وكان هذا هو الغالب، فلا شيء يعدل السلامة! وأرض الله واسعة أمام المستضعفين، ومن لم يستطع أن يزيل المنكر فليزل هو عنه! وقد قال تعالى (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْجَحِيمِ وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ) وقد روى الإمام أحمد رحمه الله في مُسنده عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إنها ستكون أمراء يكذبون ويظلمون، فمن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليس منا ولست منهم ولا يرد على الحوض، ومن لم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم، فهو مني وأنا منه، وسيرد علي الحوض” رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.

 

وجاء في (مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص 431) قال أبو بكر المروذي: لما سُجِنَ أحمد بن حنبل جاء السجَّان فقال له: يا أبا عبد الله الحديث الذي روي في الظلمة وأعوانهم صحيح؟ قال نعم، قال السجان: فأنا من أعوانِ الظلمة؟ قال أحمد فأعوان الظلمة من يأخذ شعرك، ويغسل ثوبك، ويصلح طعامك، ويبيع ويشتري منك، فأما أنت فمن أنفسهم. (أي من الظلمة أنفسهم)

 

وقد قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء:97]

 

أما إذا غلب العدل وشاع الإنصاف وتحري الأمانة فإن القليل الذي قد يشوب ذلك مما لا سبيل إلى الاستيثاق والتحقق منه في محل العفو، ما دامت النية قد عقدت على البراءة منه وعدم المشايعة عليه إن علم بقول أو عمل!

 

وإن اختلطت الأمور فلا ينبغي المقام إلا مع نية صالحة، كتخفيف المظالم وتقليل المفاسد إن قوي على ذلك، وأن يكون في موقعه هذا وكيلا عن المظلوم في تخفيف الظلم الواقع عليه، وليس وكيلا عن الظالم في إعانته على ظلمه وبغيه!

 

والله تعالى أعلى وأعلم