الانتخابات في تونس

تقارير

التونسيون يتوجهون لانتخاب برلمان منزوع الصلاحيات وسط تصاعد دعوات المقاطعة

By عمر الكومي

December 16, 2022

يتوجه   2,830,094 من الناخبين التونسيين إلي صناديق الاقتراع اليوم لانتخاب برلمان جديد بدون صلاحيات فعلية في انتخابات تشريعية تقاطعها غالبية الأحزاب السياسية المعارضة وتمثل مرحلة جديدة في النظام السياسي الرئاسي الذي أسس له الرئيس “قيس سعيّد” منذ احتكاره السلطات في 2021.

يتكون البرلمان الجديد من 161 نائبا ويحلّ محل البرلمان الذي جمّد “سعيّد” أعماله في 25 تموز/يوليو 2021 ثم حلّه لاحقا، كما قرّر آنذاك احتكار السلطات في البلاد، معلّلا قراره بعدم فاعلية البرلمان السابق ومعلنا انطلاق “عهد جديد”.

كان البرلمان السابق معززا بصلاحيات حكم فعلية وواسعة، بينما سيكون البرلمان المقبل مجرّدًا منها بموجب الدستور الجديد الذي أقرّه الرئيس وتمّ اقراره إثر استفتاء شعبي لم يحظ بمشاركة واسعة في 25 يوليو الفائت.

ويرى الخبير السياسي “حمادي الرديسي” أن “الهدف هو تحقيق أجندة تم وضعها بعد انقلاب “سعيّد” مباشرة” مشيرًا إلى إنها “استكمال للمسار الذي بدأ في 25 /يوليو”.

ويؤكد “الرديسي في تصريحات له ” أن هذا البرلمان “لن تكون لديه صلاحيات كثيرة لأنه لن يكون قادرًا على مساءلة الحكومة أو توجيه اللوم إليها”، لأنه من الصعب تحقيق الشروط المعقدة التي ينص عليها الدستور في هذه الحالات.

الانتخابات في تونس

وبحسب الدستور الجديد، يمكن للبرلمان اقتراح مشاريع قوانين على أن تُقدّم من جانب عشرة نواب على الأقل، مع إعطاء الأولوية للنصوص التي يقدّمها الرئيس.

ومن المقرر أن يعلن في 20 مارس المقبل عن تركيبة البرلمان النهائية بعد تنظيم الدورة الثانية للانتخابات التشريعية ما بين شهري فبراير ومارس.

ينص القانون الانتخابي الجديد على الاقتراع الفردي ويحل محل انتخاب اللوائح، ما يضعف من مشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات وقد نتج عن ذلك ترشح شخصيات غير معروفة غالبيتهم بدون انتماءات سياسية.

انتخابات البرلمان ومقاطعة الأحزاب 

وتجري الانتخابات وسط مقاطعة  غالبية الأحزاب السياسية الانتخابات وفي مقدمتها حزب النهضة ذو المرجعية الاسلامية المعارض الأول لسعيّد والذي كان أكبر الأحزاب المهيمنة على البرلمان طوال عشر سنوات، إذ إنه يعتبر ما يقوم به الرئيس “انقلابًا على الدستور وعلى الثورة” التي فتحت طريقا للديموقراطية الوحيدة في العالم العربي.

وجدد “أحمد نجيب الشابي” رئيس “جبهة الخلاص” وهي تكتل لأحزاب معارضة، في مؤتمر صحفي الخميس مقاطعة الانتخابات و”عدم الاعتراف بنتائجها”، وقال إن “نداءنا الأخير لعامة المواطنين بأن يمسكوا عن المشاركة في انتخابات يوم السبت” لأن “البرلمان سيكون مسخا دون صلاحيات”.

وفي بيان مشترك منذ أيام، قال التحالف الخماسي إن “الغالبية العظمى من القوى السياسية والفعاليات المدنية عبّرت عن رفضها هذه المهزلة التي ستوظف أولاً كغطاء لإضفاء شرعية مزعومة على نظام الحكم الفردي الاستبدادي الذي يعمل قيس سعيّد منذ انقلاب 25 يوليو 2021 على إرساء أسسه، وثانياً للاستحواذ على تاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول (2011) الذي يمثل انطلاق الثورة التونسية التي لم يكن لسعيّد أي دور فيها لا من قريب أو بعيد”. ولذلك، أكدت هذه الأحزاب أن “أولى مقدمات إنقاذ البلاد من هذه المنظومة الشعبوية، هو نزع الشرعية عن مؤسسات نظامها ومقاطعة مهزلتها الانتخابية”.

وفي نفس السياق ، لم يدع الاتحاد العام التونسي للشغل، صراحة، إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية، السبت المقبل، بل بقي على موقفه السابق حين ترك الحرية للشغّالين في المشاركة في الاستفتاء على الدستور من عدمها. غير أن الأمين العام للمنظمة، نور الدين الطبوبي، قال في اجتماع نقابي يوم الجمعة الماضي، إنه لم “يعد يثق في هذا المسار”، في إشارة إلى مسار الرئيس قيس سعيّد، وهو ما اعتبره كثيرون تغييراً كبيراً في موقف الاتحاد

الانتخابات وغياب معايير الشفافية والنزاهة

غير أن الاتحاد  أظهر في الأيّام الأخيرة موقفا مختلفا وأكثر حدة تجاه مشروع “سعيّد” السياسي واعتبر أمينه العام “نور الدين الطبوبي”، في خطاب أمام أنصار الاتحاد أن الانتخابات القادمة “لا طعم ولا لون لها” وهي نتاج “دستور لم يكن محلّ توافق”..

ويشدد “الرديسي” على ان الاقتراع يطرح أيضًا “مشكلة التمثيلية” بمشاركة منخفضة للنساء (122 مرشحة، أقل من 15%) بينما تشكل النساء نصف سكان البلاد تقريبا (12 مليونا).

ويبدي “الرديسي” مخاوفه من رؤية “برلمان بدون نساء”، بينما كانت المساواة إلزامية في القوائم الانتخابية في السابق

وقد ترشح للانتخابات 1085 شخصًا غالبيتهم غير معروفين من قبل الرأي العام التونسي.

ووفقًا “للمرصد التونسي للانتقال الديمقراطي”، فإن نصف المرشحين أساتذة (نحو 26%) وموظفون حكوميون ذو مستوى متوسط (نحو 22%).وستكون نسبة المشاركة في هذه الانتخابات رهانا كبيرا وقدر الخبراء أن تكون ضعيفة.

وقد حصل كل المرشحين على أكثر من 400 ألف توقيع تأييد، “لكن حتى وإن تمت مضاعفة الرقم بمرتين أو ثلاث، فسيكون ذلك فشلا ذريعا علما أنه في الاستفتاء السابق كما في الانتخابات الرئاسية (في العام 2019) سجلت مشاركة 2,5 مليون ناخب”، بحسب “الرديسي”.

وقال عدد من الشباب في معرض تعليقهم علي الانتخابات :” أنهم ليسوا معنيين بالاقتراع الذي سيفرز “برلمانًا دمية”، مؤكدين أنهم “لا يرغبون في معرفة أي شيء عن المرشحين” فيما تحدثت وسائل الاعلام في تونس كثيرا عن “لامبالاة” التونسيين بهذه الانتخابات.  .

قيس سعيد والغنوشي

من ناحية أخري وصفت منظمة العفو الدولية “أمنستي”، القانون رقم 54 الخاص بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، والذي صدر وفق مرسوم من الرئيس التونسي “قيس سعيد”، قبل ثلاثة أشهر، بأنه تشريع “قمعي يخنق الحريات”.

ويشمل القانون، الصادر في 13 سبتمبر الماضي، 38 فصلا موزعة على خمسة أبواب، نصت على عقوبات مشددة بالسجن تراوح بين 3 و6 سنوات، وغرامات مالية بين 20 و60 ألف دينار (نحو 6.8 و18 ألف دولار)، ضد مرتكبي ممارسات مصنفة حسب القانون الجديد كجرائم.

وحسب القانون الجديد، يعد إنتاج وترويج الشائعات والأخبار الزائفة، ونشر وثائق مصطنعة أو مزورة، وعرض بيانات ذات محتوى إباحي تستهدف الأطفال، “جريمة يعاقب عليها القانون”.

واعتبرت “أمنستي” أن السلطات التونسية استغلت القانون، وفتحت تحقيقات جنائية بموجبه ضد ما لا يقل عن 4 أشخاص، كما شددت القيود المفروضة على حرية التعبير على أساس