تقارير

السودان بين معارضة خائفة رافضة ومجلس انتقالي سيادي

By أبوبكر أبوالمجد

April 26, 2019

استمرار اعتصام السودانيين

أبوبكر أبوالمجد

قلق يراه السودانيون مشروعًا في ظل ما رأوه من التفافات على الثورات العربية بشكل عام، وخاصة في مصر بحسب ما رفعه سودانيون أثناء اعتصامهم، ومطالبتهم الرئيس عبدالفتاح السيسي، عدم التدخل في شئون السودان؛ بالرغم من نفي القاهرة المتكرر لذلك.

ومع هذا القلق تأتي تأكيدات متواترة من المجلس العسكري الانتقالي الحاكم، أنه لا نية له للبقاء في السلطة؛ بل ويؤكد عزمه تسليمها في أقرب وقت لحكومة مدنية.

المتحدث

فقال المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي، في السودان، شمس الدين الكباشي، اليوم الخميس: إن المجلس “سيحتفظ بالسلطة السيادية فقط وإن المدنيين سيتولون رئاسة الوزراء وكل الوزارات الحكومية”.

وأضاف الكباشي: “يكون المجلس العسكري الانتقالي له السلطة السيادية فقط ودون ذلك مستوى رئاسة مجلس الوزراء والحكومة المدنية وكل السلطة التنفيذية هي مدنية بالكامل”.

استمرار الاعتصام

من الاعتصام

ومنذ صباح الخميس، ومحيط مقر قيادة الجيش في العاصمة السودانية الخرطوم، يشهد احتشاد الآلاف، تلبية لدعوات المسيرة المليونية، لمطالبة المجلس العسكري، بتسليم السلطة إلى إدارة مدنية.

وامتلأت الشوارع المحيطة بالقيادة العامة للجيش بالمتظاهرين، الذين رددوا شعارات المطالبة بمحاكمة مسؤولي النظام السابق، ورحيل أركان بالمجلس العسكري.

آراء ورؤى

وكان زعيم في المعارضة السودانية، حذر من أن البلاد “ربما تواجه انقلابا مضادا”، إذا لم يتوصل المجلس العسكري، والمعارضة لاتفاق بشأن تسليم السلطة.

وعبر الصادق المهدي، (الذي أطاح به عمر البشير، كآخر رئيس وزراء منتخب في السودان، في انقلاب سلمي عام 1989. وهو أشهر سياسي في البلاد ويجري حزب الأمة الذي يقوده مفاوضات مع المجلس العسكري الانتقالي حاليًا)، عن اعتقاده بأن المجلس العسكري، سـ”يسلم السلطة للمدنيين في حالة الخروج من المأزق الحالي”. وقال: إنه سيدرس الترشح للرئاسة فقط في حال إجراء انتخابات، وليس خلال الفترة الانتقالية.

وقال عن قادة الجيش الذين أطاحوا بالرئيس عمر البشير، يوم 11 أبريل: “أعتقد أن نواياهم طيبة”. وأضاف: “ليسوا مهتمين بتشكيل حكومة عسكرية”.

قلق

ويخشى نشطاء سودانيون مشاركون في الاحتجاجات ضد بقاء المجلس العسكري من تدخل القاهرة لتعطيل “المسار الثوري” الذي تسبب بالإطاحة بالرئيس عمر البشير من الحكم.

هذه المخاوف، بدت واضحة، مع هتافات معتصمين، الخميس، بمقر الاعتصام أمام مقر قيادة جيش بلادهم، إلى سفارة القاهرة بالخرطوم، تنديدًا بما وصفوه “تدخل” رئيس الانقلاب بمصر عبد الفتاح السيسي، في الشأن السوداني. وهتف معتصمون، خلال الفعالية “يا سيسي ده السودان، إنت حدودك بس أسوان”، في إشارة إلى الحدود بين البلدين.

وجاء الهتاف بعد يومين، من ترؤس السيسي، قمة تشاورية إفريقية بشأن السودان، استضافتها القاهرة، الثلاثاء، وأقرت تمديد مهلة الاتحاد الإفريقي لتسليم السلطة لحكومة انتقالية في السودان من 15 يومًا إلى 3 أشهر.

غير أن الخوف من تكرار سيناريو ما يعده نشطاء سودانيون “التفافا على الثورة المصرية” بدأ يخيم بشكل ملاحظ، على السودان، منذ رفعوا لافتات، “النصر أو مصر”، في إشارة لتجربة تولي مجلس عسكري رئاسة البلاد في مصر عقب ثورة يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك وما شهدته مصر عقب ذلك من تراجع للثورة وأهدافها، بحسب النشطاء.

المجلس العسكري الانتقالي، الذي أجرى السيسي به اتصالا قبل أيام وأرسل وفدا رفيع المستوى لمقابلته، يواصل المعتصمون اعتصامهم ضده رفضا لتوليه السلطة وعدم تسليمها للمدنيين منذ 15 يوما، منذ عزل البشير في 11 أبريل الجاري.

وزادت المخاوف مع تحرك سريع من السيسي الذي تترأس مصر الاتحاد الأفريقي منذ فبراير الماضي، لدعوة قمة إفريقية بشأن السودان، انتهت إلى منح المجلس العسكري في السودان المزيد من الوقت لتنفيذ إجراءات الانتقال الديمقراطي بمساعدة الاتحاد الأفريقي.

هذا التوجه وفق مراقبين، يتعارض مع رؤية القوى السودانية المختلفة، والتي قادت الاحتجاجات طوال الأشهر الماضية، ضد حكم البشير.

ويواجه المجلس العسكري ضغوطا واسعة من المعتصمين والقوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير لتسليم السلطة. ورغم أن تصريح السيسي جاء في سياق الاتحاد الأفريقي إلا أنه أثار شكوكا واسعة حول نيته عرقلة مساعي التحول الديمقراطي في السودان، رغم تأكيد القاهرة مرارا أنها لا تتدخل في شؤون الخرطوم.

كما أعلنت مصر أكثر من مرة، دعم خيار الشعب السوداني، والدعوة إلى تكاتف الجهود الدولية لمساعدة الخرطوم على الخروج من أزمتها.

ويقول الناشط سامي الطيب (30) سنة من ساحة الاعتصام: “على السيسي معرفة أن حكومتنا ستكون ديمقراطية مدنية وليست عسكرية”.

ويمدد القرار مهلة مدتها 15 يوما حددها مجلس السلم والأمن الأفريقي الأسبوع الماضي للمجلس العسكري الانتقالي في السودان لتسليم السلطة لحكومة مدنية وإلا علق عضويته في الاتحاد.

ويقول أحمد إبراهيم النشادر المحرر بمجلة الحداثة السودانية: “إذا نظرت إلى ما يحدث في السودان باعتباره ثورة فإن الثورة لديها تأثير يتعدى الجار ناهيك عن الجار القريب، وأخيرا انتظمت المنطقة سلسلة من الثورات، من تونس إلى مصر إلى إسبانيا إلى (وول ستريت) في نيويورك”.

غير أن السيسي قال إن قمة السودان الثلاثاء، “تسعى لتحقيق ما يصبو إليه السودان من آمال وطموحات في سعيه نحو بناء مستقبل أفضل، آخذين في الاعتبار الجهود التي يبذلها المجلس العسكري الانتقالي والقوى السياسية والمدنية السودانية للتوصل إلى وفاق وطني”.

واعتبر أن الوفاق الوطني الذي لم يحدد معالمه، سيمكن السودان من “تجاوز تلك الفترة الحرجة وتحدياتها لتحقيق الانتقال السلمي والسلس للسلطة، دون الانزلاق إلى الفوضى وما يترتب عليها من آثار مدمرة على السودان وشعبه وعلى المنطقة برمتها”.

وبخلاف الانتقادات السودانية للسيسي في اعتصامهم الشهير، خرجت شارة حمراء من المعتصمين أيضا للسعودية والإمارات، إذ يعدون أن قادة تلك البلاد لا يريدون تغييرات تنحاز لمطالب “الثوار”، وهو ما نفته مرارا سلطات تلك البلاد.