حاتم سلامة

مقالات

حاتم سلامة يكتب: الدين ليس مبيدا للصراصير؟

By حاتم سلامة

May 18, 2023

لعلنا جميعا نعرف أن الدكتور (مصطفى محمود) قد ألحد في فترة من حياته، ثم رجع إلى الإيمان، لكن أحدا لا يعرف بالتحديد، لماذا وما السبب في إلحاد الرجل، وما الذي دفعه نحو هذا الطريق وله نشأته الإيمانية.؟!

والحق أن ما حدث كان جديرا بالتأمل والوقوف عنده، حينما يتبين لنا أن انقلابه على الدين، بسبب رجال الدين أنفسهم، من بعض من يمثلونه من أدعياء العلم والدعوة، الذين أحدثوا انتكاسة إيمانية لدى هذا الفتى، وتوغلا مفزعا في عالم الشك الذي عصف بكل اليقينات في طريقه.

كيف بدأت الحكاية؟

كان مصطفى محمود يتجه منذ طفولته نحو الدين بمشاعره وقلبه، وفي الفترة من 7 إلى 12 سنة، كان يصلي الفروض بالمسجد، ويستمع بعمق واهتمام إلى المشايخ والدعاة في المساجد.

وكان يتردد مع صديق له على مسجد وضريح سيدي عز، يصليان ويستمعان إلى دروس شيخ المسجد، الذي كانا يدونان خلفه ما يكتب، حتى جاء هذا اليوم الذي شكل صدمة غيرت مسار عقله وتفكيره، وكانت نقطة تحول كبيرة في حياته، حينما قال لهم الشيخ: اسمعوا يا أولاد، سأخبركم عن طريقة دينية عظيمة، تقضون بها على الصراصير والحشرات في البيت! طريقة دينية عظيمة جدا، كل واحد يفتحة الكراسة، وسوف أملي عليكم هذه الطريقة العظيمة.

وأخذ يملى عليهم «كلام خنفشاري»!!.. ورقة عبارة عن مزيج من الآيات والطلاسم! ثم قال لهم: الصقوا هذه الورقة على الحائط وسوف تكتشفون بأن الصراصير سوف تموت صرعى على هذه الطريقة الدينية العظيمة..

وفرح الصبي الصغير، وكتب كل ما قاله الشيخ بالحرف الواحد ولصقه باهتمام شديد على الحائط منتظرا النتيجة الناجعة، لكن خاب ظنه وأصيب بإحباط شديد حسب تعبيره، فقد تزايدت الصراصير وأصبحت أضعاف ما كانت قبل طريقة الشيخ، بل الأدهى من هذا، أن الصراصير اتخذت من الورقة التي أمر بها الشيخ ملجأ لها!..

فمن يومها أحس صاحبنا أن الرجل نصاب كبير! وبدأ يشك في كل شيء، ليس في هذا الشيخ بعينه ولكن في كل ما حوله!

وكانت هذه هي بذرة الشك التي غرست في نفسه! غرسها شيخ

واعظ في مسجد.. لم يشك في الورقة التي دعا إليها أو في حديثه فقط، ولكنه اعتراه كما يقول: شك في كل شيء.. كان عمره وقتها 11 سنة، بدأ يحاور ويرفض ويتمرد، وبدأت تحدث فجوة بينه وبين الدين، وتزايدت هذه الفجوة تدريجيا، لدرجة أنه كون جمعية الكفار وعمره 12 عاما!. ثم تلقفه ذلك التيار الذي كان موجودا على الساحة أيامها، ليغذي فيه هذا التوجه وينميه، ممثلا في كتب دارون وسلامة موسى وشبل شميل، التي كانت ثورة على الدين!

كل هذا البحر المتلاطم من الحيرة والضلال والشك والإلحاد وتأليف جمعية الكفار، كان سببه شيخ غبي أبله، لا يعرف بوعي ما الذي يقدمه من دين جاء هاديا للبشر، ومرشدا للأخلاق، ومهذبا للطباع، ومقوما للنفس، وليس مبيدا للصراصير.

شيخ جاهل كذاب دجال، تسبب في عماية هذا الفتى الذي صار فيما بعد مفكرا كبيرا ليحمل هذا الوزر على عاتقه، بل يعطينا درسا مهما، وهو إلى أي كارثة يقودنا من يتكلم في الدين بجهل.؟!