حاتم سلامة

مقالات

حاتم سلامة يكتب: صلاح فضل سارق التراث

By حاتم سلامة

December 14, 2022

كنت منذ أيام في حديث مع علم كبير من أعلام الأزهر الشريف، ولما جاءت سيرة الدكتور صلاح فضل، ترحم عليه، و كان مما ذكره لي وقد عرفه عن قرب: إنه كان يكره التراث الإسلامي بشدة.

والحق أن الكلمة مرت علي دون أن ألق لها بالا، حتى قرأت هذا الخبر الذي أعاد إلى ذهني هذه المقولة وتذكرتها، وربطت بينها وبين ما جاء في تفاصيل هذا الخبر الموثوق الذي نشر على الموقع الرسمي ل دار الهلال عام 2017م، ويشير إلى سرقة موسوعة رسالة الإمام الشافعي المعروفة بالأم، ولو لم يكن هذا الخبر منشورًا في الموقع الرسمي للهلال، لما صدقته أو التفت إليه، لكن الأمر يحتاج منا إلى بعض النظر.

يقول الخبر: أزمة دار الكتب وطنية وليست مالية

قال «بكري سلطان» باحث ورئيس قطاع الترميم اليدوي بدار الكتب والوثائق، إن الأزمة التي يعانى منها دار الكتب والوثائق، أزمة وطنية وليست أزمة مالية فقط، وأن المشكلة الكبرى داخل دار الكتب والمسكوت عنها هي سرقت رسالة «الإمام الشافعي»، والتي لا يوجد منها أية نسخة أخرى في العالم، وإن كان يوجد منها صور فهي على خلاف مع الأصل.

كما أوضح أن الرسالة تعد أكبر موسوعة فقهية إسلامية في تاريخ الإسلام، وأنها رسالة غير الرسالة الأم، فقد كتبها الربيع ابن سليمان وأنهاها ونظر إليها أكثر من ثلاثين مرة بخط يده، فهي تحتوي على الـ5سنوات التي قضاها الإمام في مصر بعد انتقاله من العراق.

متى سٌرقت رسالة الإمام؟

أكد «سلطان»، أنه بعد سرقتها في إحدى الحفلات السورية المصرية، قاموا بعمل جرد للاطمئنان على الوثائق فوجدوا أكثر من 300 وثيقة مسروقة, ولو قيل وقتها لانقلبت الدنيا عليهم وكان رئيس دار الكتب وقتها الدكتور (صلاح فضل) فقاموا بعمل تقريرين أحدهما ختامي سري، والآخر أذيع للجميع، جاء فيه أنه لم يُسرق سوى رسالة الإمام الشافعي.

إن السرقة إذن لم تكن في رسالة الشافعي وحده، وإنما تعدت لتشمل 300 وثيقة تراثية.!!

وفي عهد من؟

في عهد صلاح فضل

ما معنى هذا؟

ما معنى أن يهدر التراث بهذا الشكل في رجل ذكر عنه أنه عدو للتراث؟

ألا ترى معي أن هناك ربط كبير بين الأمرين؟

أنا لن أتهم أحدا بشيء، ولكني أترك لك أيها القارئ أن تستنتج وحدك، أتركك لضميرك وحده أن يحكم ويعدل، أما أصحاب الهوى والعقول التي لا تعرف معنى الانتماء لهويتها، فإن صلاح فضل يبقى في أعينهم إلها منزها عن مثل هذه الخيانة التراثية، أو خيانة الهوية، بل بكل وضوح الخيانة الوطنية.

أنت تحب الراحل صلاح فضل، وقد تكون من تلامذته والمتعلمين على يديه، فلك كل الحق أن تمدحه وتثني عليه..

لكن ليس من حقك أبدا أن تنكر ما حدث علي يديه وفي عهده من جرائم،

أو أن يدفعك حبه لبرئته من إهانته لتراث أمتنا أو تفريطه فيه وسرقته.

أما العاطفيون الذين يقولون لك: لا نحب الخوض في رجل مات وقضى نحبه،

فهذه مثالية فارغة، يمكن أن يتقولوا بها عن جيرانهم في البيت، أو أصدقائهم في الشارع، أو زملائهم في العمل،

أما أن تقال عن رجل مفكر قدر له مكانه أن يعبث بثوابت ومعتقدات وتراث الأمة، فذلك منطق فاسد ضعيف.

إن هؤلاء يريدون أن يعموا أعينهم بالقوة عما لا يحبون سماعه مما تكشف لهم من حقائق تصدمهم في رجل أحبوه،

أما الأكثر بلاهة وتجنيا فهم هؤلاء الذين يقولون لك:

لماذا لم تتحدثوا بهذا في عهد الرجل أم أن الفارس لما ترجل خرج صياحكم؟

والحق أيها الغريب في قولك وفهمك،

إننا لم نتحدث عن الراحل، ولم يكن في نيتنا أن نكتب حرفا واحدا عنه، لكن من عادة العلمانيين إذا رحل أحدهم عن الدنيا، أخذوا يهللون له ويعظمون تاريخه ويمجدون آثاره، وكأنه كان عبقري الأنام ودرة الزمان،

وهم في هذا يهدفون إلى صرف الناس إلى آثاره وأفكاره،

بعدما انصرف عنهم بلسانه وجسمانه،

فهم يريدون بقاءه بما خلّف ليسهم في دعم العلمانية والفكر المعادي للقيم الدينية التي هي هوية الوطن العزيز مصر ودين شعبها وجيشها الميمون.

هل فهمتم الآن لماذا نهاجم صلاح فضل وننتقد صلاح فضل؟

كما أنني أقرر: أي إنسان مهما بلغ علمه ومقامه ومستواه،

يكون مستباح السيرة والنقد والتوقيم،

إذا ما تعرض لهوية الأمة وتراثها ومجدها..

ولن يمنعنا الموت أبدا من أن نبصر الناس بما كانت عليه حقيقة من يهللون له اليوم.