د. حاكم المطيري

الأخبار

حكمة سويدية.. وهوس عربي!

By د. حاكم المطيري

April 05, 2020

‏في السويد سجلت حتى اليوم نحو ٣٠٠٠ آلاف حالة كورونا ومع ذلك ترفض السويد اتخاذ أي إجراء – بخلاف دول أوربية أخرى – التزاما من حكومتها بتوصيات الصحة العامة السويدية التي ترى بأنه لا يوجد ما يقتضي تعطيل الحياة العامة وإغلاق المدارس، وإنما على المسنين فقط لزوم البيوت للحفاظ على صحتهم لأنهم أكثر من قد يتضرر منه!

 

ولن يجرؤ “الإسلاميون الجدد” و”اتحاد علمائهم العالمي” وكتابهم من حراس “معبد راند” و”قناة العربي الجديد” أن يصفوا السويد وأطباءها بالتخلف والطيش والغباء كما وصفوا من رفض الجنون الذي تمارسه دول الخليج بحق شعوبها بذريعة مكافحة كورونا ومن رفضوا إغلاق المساجد الذي جاء تنفيذا لتوصيات مؤسسة راند الأمريكية!

 

‏لقد اقترف “حراس معبد راند” و”الاتحاد العالمي لعلمائهم” ثلاث موبقات بحق الأمة ودينها:

 

‏الأولى: أنهم جعلوا من الدولة – مهما كان طبيعة نظامها – ربا من دون الله له الحق المطلق في مصادرة حقوق الإنسان وحريته الدينية بذريعة الصحة والمصلحة العامة! وهو نفسه مفهوم الدولة في النظرية السياسية الشيوعية والنازية والفاشية بحيث تستطيع التدخل في المساجد بالإغلاق والمنع مهما كان ذلك يمثل اعتداء على عقائد أهلها! وهو ما لم تفعله أي دولة ديمقراطية في العالم تواجه وباء كورونا لاصطدامه بحرية الأفراد الدينية!

 

‏الثانية: أنهم جعلوا من أنفسهم واتحاد علمائهم العالمي كهنة وأكليروس ورجال دين للدول العلمانية! وفتواهم قانونا من يخالفه يعد متطرفا طائشا مهرطقا! فإذا إغلاق المساجد بقوة القانون الوضعي يصبح حقا مطلقا للدول في الأرض باسم الرب في السماء! فلم تعد القضية في نظرهم اجتهادا سائغا بل أمرا بدهيا عقليا شرعيا قطعيا! مع أنهم بفتواهم هذه يصادمون النص والإجماع القطعي بحرمة إغلاق المساجد وقت العبادة، إذ عدم وجوب الجمعة والجماعة خوف الوباء وهي المسألة التي يمكن أن تكون محل اجتهاد ونظر فقهي لا يقتضي إغلاق المساجد وجعلها مؤسسات رسمية مدنية تخضع للدول وسياساتها بينما هي بيوت الله، وهي وقف على المسلمين، وحرمتها أشد من حرمة بيوتهم التي لا يحق للدول التدخل في شئونها لخصوص ولايتهم عليها!

 

الثالثة: إرهابهم للمجتمع كما تفعل الدول العربية والخليجية اليوم بشعوبها! واختطاف الوعي العام باسم العلم والطب والشرع! حتى وصل بهم الهوس أن حرضوا على المسلمين في الهند ومساجدهم واعتبروا ما تقوم به حكومة مودي الهندوسية من ضربهم والاعتداء عليهم فيها – بذريعة مكافحة وباء كورونا – تأديبا لا عدوانا وظلما كما غرد بذلك أحد كتابهم!

 

هذا مع أنهم ركبوا موجة الثورة والربيع العربي باسم الحرية والديمقراطية فإذا هم أشد خطرا على الحريات من الأنظمة الشيوعية الشمولية!

 

وإذا الأمة تواجه “الغولونية العربية” التي رعاها معهد راند الأمريكي منذ إعلان أمريكا الحرب على الإرهاب سنة ٢٠٠١م وإذا هي اليوم تحرض على مساجدهم وتدعو الدول لمنعهم من جمعهم وجماعاتهم بذريعة الحرب على كورونا كما فعلت من قبل بذريعة مكافحة الإرهاب!

 

وكما اتخذت أوربا بالأمس “حراس المعبد وفرسان الهيكل” خط دفاع عن دويلاتها الصليبية في الشرق في القرن ١٢م تحت شعار حماية الحجاج وتحرير القدس!

 

‏اتخذت أمريكا اليوم “حراس معبد راند” من أحزاب وكتّاب وجماعات إسلامية وهيئات علمائية خط دفاع عن دويلاتها العربية الوظيفية في الشرق الأوسط تحت شعارات (الديمقراطية والدولة المدنية والوسطية والمقاصدية) وتبنت لذلك خطاب علي عبدالرازق بعدم وجود نظام سياسي في الإسلام أصلا! وعدم وجوب وحدة الأمة، وعدم وجوب الخلافة، والاعتراف بشرعية الدول الوظيفية للحملة الصليبية، وجواز القتال مع الحملة الصليبية! والمشاركة في حكوماتها في كل بلد تحتله! وانتهى الحال بهم بالتحريض على إغلاق المساجد في جزيرة العرب وتم إغلاقها لأول مرة في تاريخها، حتى في اليمن التي لم تسجل فيها إصابة بكورونا أصلا كل ذلك تنفيذا لتوصيات راند و(حكومة المسيح الدجال)!

[ad id=’435030′]