حمدي شفيق

مقالات

درس من إمامين جليلين في عدم مُداهنة الوُلَاة

By حمدي شفيق

September 10, 2021

كانت للحسن البصري، رضي الله عنه، مواقف خالدة، في الجهاد بكلمة الحق في مواجهة حكام عصره، بكل شجاعة..

ومنها ما جرى عندما استدعاه الوالي عمر ابن هبيرة، مع عامر الشعبي،

ليستفتيهما في أوامر تأتيه من الخليفة يزيد بن عبد الملك، يخشى تنفيذها، فيظلم ويأثم،

وإذا امتنع عن تنفيذها، سيغضب يزيد ويبطش به..

فأمّا الشعبي فتلطّف في القول وهوّن على ابن هبيرة الأمر..وأمّا الحسن رضي الله عنه فقد صاح بالوالي قائلًا:

يا عـمر بن هبيرة: يوشك أن ينزل بك ملك من ملائكة الله تعالى فظ غليظ لا يعصي الله ما أمره،

فيخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك.

يا عمر بن هبيرة:

إن تتق الله يعصمك من يزيد بن عبد الملك، ولن يعصمك يزيد بن عبد الملك من الله تعالى.

يا ابن هبيرة:

لا تأمن أن ينظر الله إليك على أقبح ما تعمل في طاعة يزيد بن عبد الملك،فيغلق به باب المغفرة دونك..

ياعمـر بن هبيرة: لقد أدركت أناسًا من صدر هذه الأمة،

كانوا عن الدنيا وهي مقبلة عليهم أشد إدبارًا من إقبالكم عليها وهي مدبرة عنكم..

يا عمَـر بن هبيرة: إني أخَوّفُكَ مقامًا خَوّفَكَهُ الله تعالى فقال:

{ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيد} (سورة إبراهيم:14)

يا عمر بن هبيرة: إن تك مع الله في طاعته، وقاك يزيد بن عبد الملك،

وإن تك مع يزيد بن عبد الملك على معاصي الله، وَكّلك الله إليه..

فبكى عمر بن هبيرة، لكنه عرف للحسن نصحه وإخلاصه وتقواه، فقرّبه منه، وأرسل إليه جائزة أكبر من جائزة

الشعبي الذي لان له.. و بدوره ضرب الشعبي،مثلًا رائعًا آخر في الاعتراف بالحق والأمانة والنصح للعامّة،فقد خرج إلى المسجد،و هتف بشجاعة نادرة:

«أيها الناس، من استطاع منكم أن يؤثر الله تعالى على خلقه في كل مقام فليفعل،

فو الذي نفسي بيده، ما علم الحسن شيئًا جهلته،

ولكن الحسن أراد وجه الله، وأردت وجه ابن هبيرة، فأبعدني الله عنه، وقرّبه إليه»..

رضي الله عن الجميع.