د. خالد سعيد

أقلام حرة

د. خالد سعيد يكتب: الصراع بين التقليدي والتنظيمي على الرئاسة الدينية

By د. خالد سعيد

June 20, 2022

نشأت الحركات الإسلامية كرد فعل طبيعي ومباشر على إسقاط الخلافة الإسلامية، في ظل شلل حركي وعدم قدرة على الفعل في الهيئات الإسلامية الرسمية.

وكان تطور تلك الحركات متواكباً مع تطور المواجهة النظامية الحاكمة، والتي عملت على محورين؛

أحدهما: احتواء و «هضم» -إن جاز التعبير- المؤسسات الرسمية كالأزهر الشريف، وتحييدها في الصراع داخلياً وخارجياً على أحسن تقدير،

إن لم يكن استغلالها واستعمالها كواجهة دينية تضفي عليها الشرعية والاحترام، وتمرر بفتاويها كثيراً من سياسات تلك النظم.

وبينما بقيت تلك المؤسسة عتيدة ومنهجية بالفعل في الساحة العلمية، وظلت سارية على وزان أسلافها المؤسسين، في كافة علوم الشريعة،

باتساعها الشامل للأمة؛ إذ يعتبر الأزهر المذاهب الثمانية المشهورة للمسلمين دون إقصاء،

كما بقيت محافظة على تراثها المذهبي الثري خاصة في مذاهب أهل السنة.

ونتج عن هذا ثباتها واستقرارها في كافة المناحي الفقهية، بحيث تكاد لا تجد أرجح من اختياراتها الفقهية على أصول وقواعد تلك المذاهب،

فلم تتعرض لتأرجح وانتقائية التنظيمات أو الحركات الإسلامية.

كما لم تعانِ من التضييقات العامة التي حجمت نشاط تلك الجماعات، بالإضافة إلى حداثتها

وتأثرها غالباً بمدرسة الفقه الأحادي التراثي،

بشكل تقليدي جامد محفوظ، فجاءت خياراتها كوليد خرج من ظلمات ثلاث؛ العداء النظامي -وضيق المشرب- والعصبية.

وبينما كانت خيارات المؤسسات الرسمية فاسدة فيما يتعلق بقضية الحكم بالشريعة «الحاكمية»، وسياسات الأنظمة في الولاء لأعداء الأمة أو تحالفاتها الفاسدة مع أعدائها،

وكذلك سياساتها الاقتصادية المحادة للشريعة، رغم رسوخها الفقهي في كافة أبواب الفقه الأخرى.

كانت خيارات التنظيمات الإسلامية مهدرة لشرعية تلك الأنظمة،

بدرجات متفاوتة تبدأ من اعتبارها أنظمة فاسدة وغير مخلصة ولا وطنية ومجافية للشريعة،

وتتدرج حتى إلغاء كل اعتبار شرعي وأحقية لها في الحكم،

ومع ذلك فقد كانت بقية خياراتها الفقهية ضعيفة ومضطربة وغير مؤصلة بنفس القدر الذي أعطته تلك الحركات للمسائل العقائدية (الحكم والولاء والنسك)، والقضايا الحركية.

وقد آن الأوان لمحاولة رأب هذا الصدع وتوفيق جوانب الخلاف،

خاصة أن كثيراً من قادة الحركات الإسلامية وأفرادها انتموا بصورة أو أخرى للمؤسسات الرسمية كطلاب أو أساتذة،

ولكنهم خرجوا من قاعدة التمرد عليها لا الانتماء لها؛ بسبب هذه الفجوة.

ويبقى أنموذج الأزهر حين قاد الجماهير لمواجهة الاحتلال قديماً، والنموذج الطالباني المنبثق من المدرسة التقليدية الديوبندية والمتوافق معها،

كمثالين مهمين في تحقيق التمكين والنصر على أعداء الإسلام،

وأيضاً فإن في النموذج الإيراني مُعتبر، إذ التحمت فيه قوى الثورة مع قطاع كبير من المرجعية آنذاك على نحو أسقط شاه أمريكا.