أقلام حرة

د. رضا عبد السلام يكتب: إهدار خطبة الجمعة!!

By د. رضا عبد السلام

April 24, 2022

 لدينا في بلاد المسلمين نعمة كبرى لا تتوفر لغيرنا على الكوكب، نعمة وميزة يمكن ان تغير مسار حياتنا بنسبة 180 درجة! ألا وهي خطبة الجمعة!!

هل استثمرنا خطبة الجمعة الاستثمار الأمثل للارتقاء بأمتنا؟!

الإجابة من وجهة نظري هي النفي القاطع.

فخطبة الجمعة صارت بالنسبة للجميع (إمام ومصلي) مجرد روتين أو فرض نؤديه ونشعر بالذنب إذا لم نصلي الجمعة في جماعة، طبعا إلا من رحم ربي.

يا غاليين، علينا أن نتفق أننا أمام مصلي غير، نعم مصلي غير!

مصلي في الغالب متعلم ومطلع ومتابع للجديد مابين طبيب ومهندس وأستاذ جامعي، وشاب يعيش ما يحدث في العالم عبر الانترنت وتتقاذفه الفتن، ولهذا ينبغي أن يكون الخطيب والإمام هو الآخر متسلحا بأعلى درجات العلم ليضيف للمصلين.

فمصلي الأمس، وكما تربينا في القرية، كان في الغالب أميا أو محدود التعليم، ولهذا كانت والدتي تقول على شيخ الجامع «العالِم»!

فكان إمام المسجد هو تقريبا المتعلم والمثقف الأوحد في القرية.. ولهذا كان ملاذا لكل محتاج للمعرفة.

الوضع تغير كثيرا بالنسبة للمصلي، فهل غير الإمام وطور من نفسه علميا وفكريا وثقافيا ليواكب تلك التحولات؟!

قطعا هناك أئمة لديهم ذلك التأهيل الذي نحلم به، ولكن كم يمثل هؤلاء من آلاف الأئمة الذين يصعدون المنابر؟! فالأحكام تبنى على الكثير الغالب وليس القليل النادر…أليس كذلك؟!

مطلوب عودة الحياة والرسالة للمنبر والمسجد والإمام، لتعود الحياة ويعود الجذب للمسجد، وتعود الرسالة المؤثرة والتي تغير من حال الأمة…حلم كبير.

لن يحدث هذا – من وجهة نظري المتواضعة – إلا إذا:

1- أحسنا اختيار الأئمة وعلى الفرازة، وليس كل من حفظ حديثا أو حكاية ليصعد المنبر…فالمنبر له حرمة ومهابة ورسالة، وللأسف كثيرون لا يعرفون قدر المنبر ورسالته، وإذا جادلتهم عن الحكمة من حديثه عن الحمل الذي بقي في بطن أمه ثلاث أو خمس سنوات، تتداعى عليك الاتهامات!!

2- ربط رسالة الأئمة بطموحات الوطن ومشاكله، مشكلة كمشكلة الرشوة او القمامة او الإنتاج….الخ، كل هذه المشكلات والأمراض الاجتماعية يمكن القضاء عليها بخطبة لمدة 10 دقائق ولكن متى يحدث هذا؟!

ستكون الخطبة هادفة ومنتجة ومحققة لطموحات الوطن والمواطن عندما يكون الإمام مؤهلا مفوها مثقفا واعيا حرا، وليس مجرد خطب معلبة موجهة من خطباء يفرضون أنفسهم فرضا…عافية كده!

3- لابد من مراجعة جادة لرحلة الإمام بدءا من الأزهر مرورا ببرامج تدريب مستمرة حول القضايا العامة، ولا يصعد المنبر إلا من يستطيع أن يضيف للمصلي وللوطن.

أنا أتخيل حقا حضور تلك الملايين -في آن وتوقيت واحد- لصلاة الجمعة!!، الوطن كاملا ممثل في المسجد، ويتم تقديم رسالة أو عرض مشكلة وكيفية حلها من خلال إمام مؤهل موثوق مقبول! حتما سيتغير وجه الوطن…حتما.

4- كل هذا لن يتحقق إلا إذا عادت الدعوة ليتولاها أهلها وهم رجال الأزهر، على أن تتفرغ وزارة وهيئة للأوقاف لوظيفتها المعروفة والمنطقية وهي استثمار ثروة الوقف، التي تتخطى قيمتها 3 تريليون جنيه، بما ينفع الوطن والمواطن،

ولكن أن يكون الشأن الديني في المساجد هو من اختصاص الأوقاف؟!

هذا أمر يحتاج إلى مراجعة عاجلة، لنعيد لخطبة الجمعة هيبتها ورسالتها،

ولنجعل النزول لخطبة الجمعة ليس فقط لتنفيذ أمر من أوامر المولى عز وجل،

ولكن ليكون استثمارا لتلك النعمة الكبرى التي وهبها الله إلينا ولم نحسن استثمارها.. ولا تتيسر لغيرنا.

ما عرضت له هو اجتهاد متواضع، أتمنى أن يتم البناء عليه، لنرى ساعة الجمعة وكأنها ساعة عيد وبناء للإنسان وللوطن.. فالحال لا يخفى على أحد.