د. صالح الرقب، أستاذ العقيدة، بالجامعة الإسلامية، فلسطين

مقالات

د. صالح الرقب يكتب: قصة واقعية أغرب للخيال

By د. صالح الرقب

November 08, 2022

قصة واقعية أغرب للخيال.. أقل من ربع دولار شهريا تصنع المستحيل:

يحكى الداعية الإسلامي الكبير، الدكتور, الطبيب الكويتي عبد الرحمن السميط، رحمة الله عليه، أنه كان واقفا ذات يوم مع بعثته في إحدى القرى الإفريقية فلاحظ سيدة تبكي بحرقة وتتوسل أحد الأطباء القائمين على مساعدة وعلاج الأطفال الصغار لعلاج رضيعها وتصر على ذلك.

‏يقول: تأثرت بشدة لهذا المشهد وأشفقت على هذه الأم وولدها فتحدثت مع الطبيب..

فقال لي: أن حال الرضيع ميئوس من شفائه وهذه الأم تريدني أن أضمه لأعداد الأطفال الذين سنرعاهم وأرى أنه لا طائل من ذلك.

واصل السميط قائلا: نظرت إليٓ الأم بنظرات توسل واستعطاف فقلت للمترجم اسألها كم تحتاج من المال كل يوم لتصرف على رضيعها؟

فقالت له المبلغ ووجدت أنه مبلغ زهيد يساوى ثمن مشروب غازي في بلدي!

فقلت: «لا مشكلة سأدفعه من ما لي الخاص».. وطمأنتها…

فرحت المرأة فرحا لا يوصف وأرادت تقبيل يدي فمنعتها وقلت لها : «خذي هذه نفقة عام لابنك وعندما تنفذ سيعطيك أحد المساعدين ما تحتاجينه»..

وأشرت لأحدهم ووقعت لها على صك لتصرف به المبلغ المتفق عليه واعتبرت ما فعلته جبرا لخاطر هذه الأم المسكينة فهي حديثة عهد بالإسلام أما الرضيع فاعتبرته في عداد الموتى.

مرت السنوات الطوال و قد نسيت الموضوع بِرُمَّتِهِ…وبينما أنا في المركز حضر أحد الموظفين

وقال لي: «أن هناك سيدة افريقية تصر على لقائك واتت عدة مرات».

فقلت له: «احضرها» فدخلت سيدة لا اعرفها ومعها طفل جميل الوجه هادئ..

وقالت لي: هذا ابني عبد الرحمن.. أتم حفظ القرآن وكثيرا من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام  وحلمه أن يصبح داعية إلى الإسلام معكم..

تعجبت وقلت لها:

ولماذا تصري على هذا الطلب منى؟  ولم أكن أفهم شيء..

ونظرت للطفل الهادئ فوجدته يتحدث العربية وبلغة هادئة،

فقال لي: لولا الإسلام ورحمته ما كنت على قيد الحياة وواقف بين يديك..

وأردف قائلا: فقد حكت لي أمي قصتك معها وإنفاقك عليٓ طيلة هذه السنوات..

وأريد أن أكون تحت رعايتك وأنا أجيد اللغة الإفريقية بل وأتقنها إتقانا،

وأريد أن أعمل معكم كداعية لله ولا أحتاج إلا للطعام فقط.. واعلم  أني حافظ للقرآن..

 وأخذ يتلوا آيات من سورة البقرة بصوت شجي وعيناه الجميلتان تنظر إلي مستعطفة أن أوافق على طلبهم..

وهنا تذكرتها وقلت لها: «هل هذا هو ذلك الطفل الذي رفضوا ضمه للرعاية؟».

فقال: نعم نعمْ..  ولذلك أصرت أمي أن تقدمني لك بل ولقبتني باسمك عبد الرحمن.

يقول الدكتور السميط قدماي لم تحملني.. خررت على الأرض وأنا شبه مشلول

لهول الفرحة والمفاجئة وسجدت لله وأنا أبكي.