د. عبد الحليم قابة

الأخبار

المساجد والجمعات!!!

By د. عبد الحليم قابة

October 25, 2020

 

– بغض النظر عن صحة نظرية المؤامرة والاستغلال المشين للأزمات، من طرف أعداء الأمة والمبادئ، أو عدم صحّتها !!! وأنا أستبعدها في كثير من المجالات في بلادي الحبيبة.

 

– وبغض النظر عن صواب أسباب صدور – أو استمرار- قرار تعطيل الجمعة الوقائية والأمنية التي يعلنها أصحاب القرار وأهل التخصص، أو عدم صوابها !!! وأنا أتوقع الصدق من كثيرين منهم.

 

– وبغض النظر عن التفريق بين المساجد وغيرها من المؤسسات، أو عدم التفريق!!!وإن كنت لا أرى الفرق واضحا في ما يُتوقع من العدوى والانتشار.

 

فأنا – وإن كنت لا أريد أن أجزم بشيء من ذلك، لكي لا ننشغل به عما هو أولى وأجدى – فإنني أقول:

 

ينبغي أن نضع في حسابنا -أثناء الموازنة- بين الفتح وعدمه، والمصالح المعطلة وغيرها، والمكاسب المتوقعة وغيرها، ينبغي أن نضع في حسابنا الخطورة العظيمة – في ميزان العدل والحق – لتعطيل شعائر الله على أمن الأمة وإيمانها، إن كان المبرر غيرَ صحيح أو غيرَ مقبول عند الله.

 

وأن نضع في حسابنا – أيضا – خطورة قوله تعالى “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ”

 

لعله يشملنا فنهلك مع الهالكين، خاصة إذا لم يكن لدينا ما يَقوَى على جعلنا نسلم من مغبّة هذه الآية، والعياذ بالله من ذلك.

 

وأن نضع في حسابنا -أيضا- أن البلدان – كلَّها – فُتحت فيها المساجد – كلُّها – في الصلوات الخمس وفي الجمعات، دون تفريق، وقد تبين للجميع ضعف المحذور المذكور أمام فوائد الفتح وبركاته وآثاره الطيبة على النفوس واستقرار الأوضاع.

 

وأن نضع في حسابنا – أيضا –  تجربة  فتح المساجد في بلدنا العزيز في الصلوات الخمس، وثمارها اليانعة، ونجاح المصلين في الالتزام والانضباط بشكل لم يوجد له نظير في أي مكان آخر.

 

وأن نضع في حسابنا – أيضا – أن للمسجد – كما للمدارس والمؤسسات التربوية – دوراً عظيما في تربية الجيل، واستقرار حياة الناس، وإنقاص الجريمة، وغيرها مما هو معروف مشاهد.، لكل ذي بصر وبصيرة. وتعطيل الجمعات له أثره الخطير على تحقق مقاصد العملية التربوية برمتها، كما لا يخفي.

 

وأن نضع في حسابنا – أخيرا – أن كل المحاذير التي صرّح بها المختصون، والتي يُخفيها المُخفون، والتي يتوقعها المتوقعون، يمكن – إذا دُرست بصفاء وصدق ورويّة، مع موازنة راشدة بينها وبين محاذير مقابلها- أن تٌتجاوز بسهولة ويُسر إن شاء الله تعالى.

 

إذا استحضرنا كلّ ذلك أثناء الموازنة الصادقة بين محذور التعطيل والاحتمالات المتوقعة من الفتح، فسيتضح الصبح لذي عينين، وسنتصرف التصرّف اللائق، وسنستطيع أن نجيب الأمة بما يطمئنها ويُرضيها، وأن نجيب ربَّنا بما ينجينا عنده ويقبله منا. وأن نُغيض أعداءنا الذين يسعدهم ما حلَّ بنا.

 

وصدق الله العظيم إذ يقول: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ}

 

وأخيرا أرجو من أصحاب القرار الفعلي في بلد المسلمين أن يعجّلوا بهذه الموازنة الراشدة، وأن يتخذوا القرار الذي يُثلج الصدور، ثم يخاطبوا الأمة بصراحة وصدق بما يجعلها لا تعترض على أي قرار يصدر يكون فيه رضي الله، ومصلحة البلاد والعباد، وبذلك يسدُّون الطريق أمام ما لا تُحمد عُقباه من اضطرابات وغيرها مما يُتوقع في مثل هذه الأوضاع الشاذة، والعياذ بالله.

 

وإني أنبّه إلى أن استمرار الأوضاع – عامة – بهذا الشكل، وتكرار بعض المتنفذين لممارسات النظام السابق – للأسف الشديد – أمر خطير جدا لا يُسعدٌ صديقا ولا يُغيض عدوا، خاصة بعد بصيص الأمل الذي انتعشت به الأمة ردحا من الزمن بعد التغيّرات الأخيرة.

 

فنرجو من أخيار هذه الأمة – خاصة في المواقع المؤثرة والحساسة – أن يعجِّلوا بما يستطيعون من إصلاح، وأن يرحموا هذه الأمة التي ملّت من الممارسات السابقة التي سُجِّل أصحابها في مزبلة التاريخ، وهم الآن يدفعون ثمن خياناتهم وسرقاتهم، وكذبهم، ولائهم للأعداء، ونفاقهم في الدنيا قبل الآخرة. والعياذ بالله.

 

نسأل الله أن يلهمنا موازين القسط، وصواب الأحكام، ورُشد القرارات، وتقديم رضي الله ومصلحة الأمة على رضي غيره من الناس والهيئات والدول، وأن يفوّت الفرصة على كل من يريد بنا وبجزائرنا وبديننا وبوحدتنا وبأمننا وبأمّتنا، شرّاً، وأن يجمع شملنا جميعا على كلمة سواء، إنه هو الذي لا يخفي  عليه شيء من ظواهر العباد وخفاياهم، ومن كلامهم ونواياهم، وإنه هو وليُّ ذلك والقادر عليه.

 

اللهم آمين.