د. وليد عبد الحي، أستاذ علوم سياسية، الأردن

أقلام حرة

د. وليد عبد الحي يكتب: علم النفس السياسي الصهيوني

By د. وليد عبد الحي

February 20, 2023

علم النفس السياسي هو مجال استقصائي متعدد التخصصات يهتم بتحليل الفكر السياسي وسلوك الأفراد داخل المجتمعات المنظمة سياسيًا.

وتتركز موضوعاته في السلوك السياسي على المستوى الفردي(دراسة شخصية الزعيم أو الحاكم)

وعلى المستوى الجماعي (الجمهور العام والنخب السياسية ) لتغطي موضوع نشاطات رسمية  أو غير رسمية  مثل:

المشاركة السياسية، المعتقدات والقيم السياسية، العمليات المعرفية في صنع القرار السياسي،

والتواصل السياسي، والتأثيرات الإعلامية، والخطاب السياسي، والصراع الدولي، والعنصرية والتحيز، والهويات العرقية…الخ.

وبمتابعة لموضوعات علم النفس السياسي في الكيان الصهيوني يمكن تقسيم اهتماماتهم على النحو التالي

(ولن أتوقف عند دراساتهم عن الشعوب خارج منطقتنا نظرا لاتساعها):

1- المجتمع الصهيوني:

يتم التركيز هنا على موضوعات العلاقات بين الثقافات الفرعية (سفارديم/ اشكنازيم، الصابرا/ المهاجرون اليهود/،

اليهودي الروسي واليهودي/ غير الروسي، اليهودي الأسود / اليهودي الأبيض (الفلاشا)، العربي والدرزي واليهودي، المتدين والعلماني..الخ،

أما الجانب الآخر فهو التركيز على القيم والمشاركة السياسية والأبعاد السيكولوجية في اتخاذ القرار في الكيان الصهيوني

(ويمكن اعتبار دراسات آريان الأكثر تأصيلا في هذا الجانب إلى جانب دراسات Auerbach  حول شخصيات قيادية صهيونية مثل مناحيم بيغن وديان أو Ben-Rafael حول الأعراق (Ethnicity)

أو Benjamin.K حول توجهات الشباب الصهيوني أو دراسات A.Falk. في دراسته عن ديان

أو دراسات Yael S. Aronoff حول سيكولوجية رؤساء الوزراء الصهاينة،

كما تمثل دراسات Daniel Bar-Tal الإطار النظري لموضوعات القيم والجوانب الأمنية في سيكولوجية الشخصية اليهودية…..الخ.

2- العلاقة مع الفلسطينيين:

وتنقسم اهتمامات علم النفس السياسي الصهيوني في هذا الجانب في موضوعات أربعة بشكل رئيسي هي:

أ‌- سيكولوجية رجال المقاومة (دراسات نفسية في الإرهاب، والعنف…الخ)

حيث يتم التركيز هنا على الدوافع النفسية للانخراط في المقاومة (الإرهاب من وجهة نظرهم) وتحليل شخصية الاستشهادي (الانتحاري).

ب‌- سيكولوجية القيادات الفلسطينية أو النخب مع التركيز على التلاعب بهذه الشخصيات

(من خلال التأثير غير المباشر) أو لاستغلال عقده الشخصية لتجنيدهم كعملاء.

ت‌- دراسة توجهات الشرائح الاجتماعية الفلسطينية بخاصة نحو اليهود من زاوية البعد الديني والقيم والريف والمدينة والمخيم والطبقات والأعمار

وذلك من خلال الأدب الفلسطيني والأساطير والأمثال والطرائف والأغاني وفنون الرقص…الخ.

ث‌- توجهات الإعلام الفلسطيني من حيث مضمونه ودلالاته النفسية

ويبرز في هذه الدراسات N.Friedland حول «الإرهاب الفلسطيني»، أو دراسات S.Mishal  حول ياسر عرفات،

أو G.Weimann حول العلاقة بين الإعلام والإرهاب ودراسات Herbert C.Kelman حول الأبعاد السيكولوجية في الصراع بين العرب واليهود.

ودراسات Aviad Rubin حول بنية النخبة السياسية الفلسطينية ومقارنتها بالنخبة الصهيونية في فترة ما قبل الدولة،

أو تحليل شخصية وسياسات رئيس سلطة التنسيق الأمني التي قام بها Gadi Hitman الأستاذ بجامعة أرئيل المقامة في الضفة الغربية..الخ.

وتخضع آليات تجنيد العملاء لدراسات مكثفة من الباحثين السيكولوجيين الصهاينة،

وتكشف مقالات Yoni Ben Menachem الذي كان ضابطا في مديرية الاسخبارات العسكرية الصهيونية عن التغلغل الصهيوني في الأجهزة الفلسطينية في وسائل الإعلام والمنظمات الدولية

والمجتمع المدني والمواقع الالكترونية، ويتم التجنيد من  خلال طرف ثالث، وأحيانا يتم تجنيد أفراد لا يعرفون أنهم يعملون لصالح الكيان الصهيوني.

بل إن تقريرا لمنظمة اليونيسيف(unicif) التابعة للأمم المتحدة يؤكد تجنيد الكيان الصهيوني للأطفال الفلسطينيين كعملاء أثناء سجنهم أو بعد إطلاق سراحهم

(Coalition to Stop the Use of Child Soldiers-The situation of Palestinian children p. 23)

 وأن 40% من هؤلاء الأطفال السجناء يجري تجنيدهم، وبتعاون مع خبراء علم النفس.، أو أن المخابرات الصهيونية تستغل المرضى الفلسطينيين لمنحهم تصاريح سفر مقابل التعاون مع المخابرات الصهيونية.

3- العلاقة مع الدول والمجتمعات العربية:

وقد شكلت زيارة السادات إلى القدس ومعاهدة السلام الصهيونية المصرية نقلة كبرى في توجهات الدراسات السيكولوجية الصهيونية،

واتسعت دائرة هذه الدراسات بشكل أكثر وضوحا إلى كل المجتمعات العربية لتغطي كل مناحي الحياة العربية.

وتبرز في هذا الجانب دراسات  R.Batai حول العقل العربي، أو Yuchtam-Yaar حول المسافة الاجتماعية وعلاقتها في الصراع العربي الصهيوني

أو دراسات S.Shamir  حول سيكولوجية المجتمع المصري أو دراسات Inbar M. حول المنظومة المعرفية العربية في الصراع العربي الصهيوني،

ناهيك عن دراسات Yehoshafat Harkabi عن التوجهات العربية نحو الكيان الصهيوني.

إن الاطلاع على الدراسة الصادرة عام 2010، تحت عنوان “Barriers to Peace in the Israeli-Palestinian Conflict)

والتي تقع في (383 صفحة) وتمت بالتعاون بين The Jerusalem Institute for Israel Studies من ناحية ومؤسسة  Konrad-Adenauer-Stiftung الألمانية

وشارك فيها  13  باحثا معظمهم من الجامعات الصهيونية تجعل القارئ  يدرك دور علم النفس السياسي في تشكيل البيئة السياسية  والعقل والمشاعر ونقاط الضعف من إحباط وكبت والتلاعب بالعقل الباطن للمجتمع والأفراد.

سؤالي: كم تساهم أدبيات علم النفس السياسي الصهيوني في صناعة القرار الفلسطيني لسلطة التنسيق الأمني؟

إن تمرير بعض العبارات في الخطب السياسية للقيادات الفلسطينية، والظهور في أماكن معينة، وأنماط السخرية في بعض الخطابات،

والتواصل السري مع جهات معينة ثم الإعلان عنها، واتخاذ القرار في لحظة ووقف تنفيذه بطريقة معينة،

وعمليات تسريب الأخبار عن تطبيع أو غيره، أو استغلال التنافس المرضي بين أفراد النخبة الفلسطينية….الخ، لا أظنها بريئة.

ازعم ان عبارات مثل «اللي بتشوفوا حامل صاروخ طخوه»، أو أنا «ما بدي ارجع على صفد ” أو أنا «أرجو للشباب الصهيوني المستقبل الزاهر..

أو أنا كنت استمع لأغانيكم وأنا «في الكيان الصهيوني» أو «التنسيق الأمني مقدس مقدس مقدس» أو…الخ،

كلها عبارات لا أظنها  بعيدة عن «مختبرات وكهوف دهاقنة علم النفس السياسي الصهيوني»..

وأعد القارئ أن أقدم نظريات علماء النفس الصهيوني وتطبيقاتها في خطابات سلطة التنسيق الأمني في زمن لاحق…