د. ياسر عبد التواب

مقالات

د. ياسر عبد التواب يكتب: هيا نتغير في رمضان (11)

By د. ياسر عبد التواب

April 02, 2023

الرباط في سبيل الله

 اتسع معنى الرباط ليشمل الأعمال الصالحة التي- تتطلب حراسة للثغور التي ينفذ منها أعداء الأمة كمثل أعمال الفكر والإغاثة :

في صحيح مسلم عن سلمان قال: سمعت رسول الله يقول:

(رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان) (برقم1913).

وروى أبو داود في سننه عن فضالة بن عبيد أن رسول الله قال:

كل ميت يختم على عمله إلا المرابط فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتان القبر).

وفي هذين الحديثين دليل على أن الرباط أفضل الأعمال التي يبقى ثوابها بعد الموت؛

كما جاء في حديث أبي هريرة عن النبي أنه قال: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)؛

فإن الصدقة الجارية والعلم المنتفع به والولد الصالح يدعو لأبويه ينقطع ذلك بنفاد الصدقات وذهاب العلم وموت الولد.

والرباط يضاعف أجره إلى يوم القيامة؛ لأنه لا معنى للنماء إلا المضاعفة، وهي غير موقوفة على سبب فتنقطع بانقطاعه، بل هي فضل دائم من الله تعالى إلى يوم القيامة.

وهذا لأن أعمال البر كلها لا يتمكن منها إلا بالسلامة من العدو والتحرز منه بحراسة بيضة الدين وإقامة شعائر الإسلام.

وهذا العمل الذي يجري عليه ثوابه هو ما كان يعمله من الأعمال الصالحة؛ وعن أبي هريرة عن رسول الله قال:

(من مات مرابطا في سبيل الله أجرى عليه أجر عمله الصالح الذي كان يعمل وأجرى عليه رزقه وأمن من الفتان وبعثه الله يوم القيامة آمنا من الفزع).

وفي هذا الحديث قيد ثان وهو الموت حالة الرباط. والله أعلم.

وروي عن عثمان بن عفان قال:

سمعت رسول الله يقول:

(من رابط ليلة في سبيل الله كانت له كألف ليلة صيامها وقيامها). وروي عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله :

(لرباط يوم في سبيل الله من وراء عورة المسلمين محتسبا من غير شهر رمضان أعظم أجرا من عبادة مائة سنة صيامها وقيامها ورباط يوم في سبيل الله من وراء عورة المسلمين محتسبا من شهر رمضان أفضل عند الله وأعظم أجرا –

أراه قال: من عبادة ألف سنة صيامها وقيامها فإن رده الله إلى أهله سالما لم تكتب عليه سيئة ألف سنة وتكتب له الحسنات ويجرى له أجر الرباط إلى يوم القيامة).

ودل هذا الحديث على أن رباط يوم في شهر رمضان يحصل له من الثواب الدائم وإن لم يمت مرابطا. والله أعلم.

قال القرطبي:

قلت: وجاء في انتظار الصلاة بعد الصلاة أنه رباط؛ فقد يحصل لمنتظر الصلوات ذلك الفضل إن شاء الله تعالى.

وقد روى أبو نعيم عن عبدالله بن عمرو أن النبي صلى ذات ليلة المغرب فصلينا معه فعقب من عقب ورجع من رجع،

فجاء رسول الله قبل أن يثوب الناس لصلاة العشاء،

فجاء وقد حضره الناس رافعا أصبعه وقد عقد تسعا وعشرين يشير بالسبابة إلى السماء فحسر ثوبه عن ركبتيه وهو يقول:

(أبشروا معشر المسلمين هذا ربكم قد فتح بابا من أبواب السماء يباهي بكم الملائكة يقول يا ملائكتي انظروا إلى عبادي هؤلاء قضوا فريضة وهم ينتظرون أخرى).