د. يوسف رزقة

مقالات

د. يوسف رزقة يكتب: لقاء القاهرة.. الواقعية والخيال

By د. يوسف رزقة

June 11, 2023

قلنا في مقال سابق إن لقاءات مصر مع قادة الفصائل الفلسطينية مهمة، ولكن ما يتعلق بموضوعات النقاش والنتائج هي ما تزال في إطار (المعنى في بطن الشاعر). أي إن مصر لم تفصح عنها، والفصائل كذلك لم تفصح عنها، ولأن الأمر يهم أطراف عديدة تولت صحيفة (الشرق الأوسط) تغطية الفراغ بما هو راجح، وبما هو من نسج الخيال، وجل الحديث منسوب لمصادر مطلعة، ولكن من هي المصادر المطلعة فلا إجابة؟! وهذه عادة الصحف ووسائل الإعلام حين تريد شيئا يخصّ الجهة التي تمثلها أو تزودها بالمعلومات.

ما ذكرته المصادر كان أجندة طويلة ومعقدة ولا يحتملها اللقاء الأخير في مصر، والذي جاء بعد قتل الشيخ عدنان، ومعركة ثأر الأحرار. ومن هذه الموضوعات:

( الهدنة طويلة الأمد، والتهدئة القائمة، ومسئولية حماس عن ضبط الأمن في غزة، بما فيه ضبط حركة الجهاد الإسلامي، والقضايا الاقتصادية التي تخص غزة، والميناء، والبضائع، وحركة الأفراد من خلال المعابر، والتزامات السلطة، والغاز في غزة، والمعركة الأخيرة، واستهداف المدنيين، وهدم المنازل، والكهرباء لغزة، والمدن المصرية بغزة، وخلاف ذلك) وهذه أجندة طويلة وبها ملفات تتعلق بأطراف غير حاضرة في اللقاءات، وفيها فكر وسياسة بعيدة المدى كالهدنة طويلة الأمد، وهي قضية تثار في الإعلام بدون رصيد من مباحثات حقيقية أو مقترحات مقدمة. إن في هذه الملفات فرصة جيدة لمن يحب أن يطلق العنان للخيال، من الزاوية التي يخدمها.

اللقاء الأخير في نظري لم يكن لقاء يناقش قضايا إستراتيجية كالهدنة الطويلة، أو مشاريع اقتصادية كبيرة كمشروع غاز غزة، وجيد لو كان اللقاء الأخير قد ناقش بعض التسهيلات على المعابر للأفراد، وتسهيل وتخفيض أسعار البضائع المصرية الداخلة إلى غزة، إضافة إلى تقييم المعركة الأخيرة والعلاقة بين حماس والجهاد والرعاية المصرية عند الأزمات.

إنه إذا أسفرت اللقاءات عن نتائج محددة في هذه القضايا اليومية المحدودة ( المعابر والكهرباء والبضائع) تكون اللقاءات جيدة وناجحة، ونور على نور. إن من يتوسع في الخيال إما إنه يتحدث عما يتمناه، أو هو يعبّر عن أشياء يريدها بطريق الخيال، أو هو يريد نسبة اللقاء للفشل وتحميل ما لم يتحقق لأحد الأطراف،  ومن ثمة تجده  ينسب نسج الخيال لمصادر، وشخصيات مطلعة بدون تسمية أو تحديد للهوية؟!  إن الإبهام والغموض ليسا الطريق الأسلم في كل الأحوال.