الأخبار

ذكريات البحث عن بديل

By حازم غراب

September 06, 2019

انطلق العبد لله قبيل التخرج في الجامعة عام 1975 يبحث علميا وسياسياً وتاريخيا ومعلوماتيا عن تيار أطهر وأنقى وأصدق وأنفع من اليسار واليسارجية والقومجية الناصريين. برغم التشويه الذي كان قد ألصق بهم طيلة سنوات حكم الطاغية الأول ظهر تيار الإخوان على استحياء من جديد. وكنت في القرية قد اقتربت قبل الدراسة الجامعية من بعض اليسارجية والقومجية وسمعت منهم تنظيرات عن ماركس والاشتراكية (العلمية) وحكمة وإلهام الزعيم الديكتاتور.

 

ولا أنسى أن علي الدين هلال العائد تواً حينذاك بدكتوراه أجنبية كان يفرض علينا إعادة قراءة خطب عبد الناصر الميت حديثا. وفِي ذات الكلية درست الشيوعية والماركسية علميا على يد العلامة حامد ربيع وغيره ضمن دراستي السياسية، وكان الرجل رحمه الله كثيراً ما يسخر علانية ويفضح تلميذه المنافق علي الدين هلال، وينعت محمد حسنين هيكل بصفات ليس أقلها الجهالة والضحالة ويتهمه علانية بتوريط الديكتاتور.

 

ولا أنسى دراستنا كتاباً رصينا لأستاذي الدكتور عز الدين فودة بعنوان: خلاصة الفكر الاشتراكي. وأعترف أنني لاحقاً كرهت اليسارجية فكرياً من سلوكياتهم مع بعضهم البعض، ومن بذاءاتهم التي سمعتها بكثرة بالمدينة الجامعية، ومن بذاءة أسبق لقيادي قومجي اشتراكي رمز اسمه عطية في معهد ناصر للشباب الاشتراكي عام 1968.

 

ولما مات عبد الناصر وعقب انكشاف تدليسه وخداعه الأمة بشأن فلسطين، أخذت صحافة السادات في فضح فساد بطانته وكبار معاونيه أخلاقياً وإنسانياً. وشهدت فِي الجامعة ومنذ العام 1971 تكتل اليسارجية ضد السادات وكم أوسعوه بذاءات لا تمت للحد الأدنى من الأخلاق.

 

كثفت رحلة بحثي عن تيار بديل لليساريين ممن كنت اقتربت منهم وحضرت محاضرات رموزهم ومعسكراتهم “الاشتراكية”. وكي تكون معرفتي ليست مجرد قراءات في كتب كتبها باحثون أجانب كريتشارد ميتشل أو محسوبون عليهم ككتب سيد قطب، ثم البنا نفسه، وصحف ومجلات معاصرة للسادات،

 

قررت في 1977 أن أطرق باب مجلة الدعوة لأختبر بنفسي رموز ذلك التيار البديل صحفيا وسياسيا عن قرب وأقارنهم بمن عاصرت واختلطت من اليسارجية.

 

وسرعان ما اكتشفت الفروق الأخلاقية الهائلة. وعلى الجانب الآخر كان يسارجية مصر يملؤون الساحة شعارات دون أي حركة سياسية عملية نافعة على الأرض. التيار البديل الذي أخضعته للملاحظة والاختبار

 

ظل ينافس بالعطاء وليس بالشعارات في اتحادات الطلاب ثم في النقابات ثم في البرلمان برغم شراسة التزوير. تخندق رموز اليسار وراء التجربة الناصرية يجترون بعض إنجازاتها المتراجعة. وتحلى التيار الإسلامي الصاعد قادة وشباباً بسلوكيات أخلاقية راقية وطبقوا أفكاراً ذات أصول وتعاليم إسلامية تكافلية وإغاثية وتثقيفية دعوية في قاع المجتمع، وفِي الطبقة الوسطى بل وفي بعض أهل الثراء والنفوذ والفن والرياضة.