ربيع عبد الرؤوف الزواوي

مقالات

لماذا سورة هود بهذا الاسم؟!

By ربيع عبد الرؤوف الزواوي

September 06, 2021

قال صاحبي: ذكرت لي منذ فترة أنك تتأمّل كثيرا في سبب تسمية سورة هود باسم نبي الله هود عليه السلام دون غيره ممن ذكروا في السورة الكريمة من أنبياء الله.. فهل توصّلت لشيء؟!..

قلت: صحيح.. فقد ذكر فيها قصص ٦ أنبياء آخرين..

ويبقى السِّرُّ والحكمة في أن تسمّى هذه السورة الكريمة باسم (هود) عليه السلام دون غيره ممن ذكروا فيها من الأنبياء الكرام عليهم السلام..

ويبقى هذا السرّ في علم الله وحده.. ولحكمة ما يظل هذا الأمر محلّا للتفكير والتأمّل والنظر..

صحيح أنّ بعض أهل العلم قالوا أن سبب تسمية السورة الكريمة بهذا الاسم هو تكرار اسم هود عليه السلام فيها..

ولكني لم أقتنع بهذا الكلام؛ فالحقيقة أن معظم الأنبياء المذكورين بها تكرّرت أسماؤهم أيضا!..

وإن جاز لضعيف مثلي أن يجتهد في استجلاء ذلك السر.. أقول: لعل السر هو ما كان من عاد قوم (هود) عليه السلام..

الذين كان الكبر والطغيان والأشر والبطر والعلو والغرور شأنهم.. وقالوا لنبيهم صراحة (من أشد منا قوة)..

الذين قال فيهم ربهم {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)} [الفجر].

حقا.. إن إرم لم يخلق مثلها في البلاد أبدا..

فهؤلاء القوم المتكبرون الأشرون.. أرسل الله لهم نبيه هود عليه السلام.. فكم لاقى.. وكم قاسى وكم تعب..

لكنه عليه السلام يكِل الأمر إلى ربه في سلام نفسي عجيب..

إذ يقول لهم (إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به إليكم) فشغله الشاغل تبليغهم دين ربهم وحسب..

فكان جواب ربه سريعا (ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم)..

أهلكهم الله بمخلوق لا يرى بالعين.. هو الريح.. (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية).. وسمى الله ذلك العقاب (عذاب الخزي)..

إي والله بالريح.. لا طوفان ولا صاعقة ولا نار ولا حجارة.. بل بالريح..

{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهمْ لَا ينصَرُونَ}..

(سورة فصلت، الآية 16)

ريح مدمرة استمرت سبع ليال.. فصرعتهم حتى تركتهم أجسادا بلا رؤوس.. كأنهم نخل..

{سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}..

(سورة الحاقة، الآية 7)

ولا تزال هذه الرياح تتكرر ذكراها كل عام حينما تهب العواصف والرياح المحمّلة بالأتربة والغبار.. ويسميها الناس لليوم (الحسُمات)..

فاللهم أعذنا من غضبك.. ونجنا من عذابك..

استحق نبي الله هود عليه السلام عن جدارة أن تسمى هذه السورة الكريمة باسمه الكريم..

ذلك النبي الذي واجه هؤلاء الجبابرة الطغاة الذين كانوا يواجهونه في صفاقة وغرور (أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين)..

استحق هود عليه السلام ان تسمى سورة من سور القرآن الكريم باسمه

كـ(نوح) و(إبراهيم) و(محمد) عليهم جميعا الصلاة والسلام..